وهذا ماحدث مع الكثير من الشباب الذين تعرضت أوطانهم لما يسميه البعض بالربيع العربي , لكن الذي لفت أنظار العالم وشد انتباهه أنه ما من شاب سوري فكر مجرد تفكير بمغادرة بلده رغم كل المعاناة الناجمة عن المؤامرة الكونية الإرهابية التي يتعرض لها بلدنا منذ أكثر من عشرين شهراً , بل إن شبابنا وبدلاً من محاولتهم الهروب واللجوء للهجرة فضلوا البقاء بوطنهم والتشبث بأرضهم , ليترجموا مقولة الشاعرالفلسطيني الكبير الراحل وطني ليس حقيبة وأنا لست مسافرا إلى واقع ويعبرون عن ذلك بمسيراتهم المؤيدة للوطن وقائده ومبادراتهم الشبابية التي تدعو للحمة الوطنية ونبذ التعصب والفتنة والإرهاب , وتعلن عن جيل شبابي سوري وطني قادم لا يقل أهمية عن الأجيال السابقة التي زرعت العلم السوري على ذرى جبل الشيخ أوتلك التي حررت البلاد من جبروت وطغيان الاستعمار الفرنسي أو أولئك الذين قدموا أرواحهم قرابين ليبقى الوطن شامخاً , عزيزاً, ولانغالي إذا قلنا إننا كسوريين, تفردنا بكل الميزات التي توحد ساعة الشدة وتزرع القوة والكبرياء في النفوس لحظة الضعف وتعزز الشعور بالانتماء والتجذر أمام أي خطر قادم, هكذا نحن السوريين وقد قيل عنا الكثير خصوصاً في ظل الأزمة التي تعيشها بلدنا , لدرجة أن تماسكنا وتلاحمنا الوطني لفت أنظار كبار الساسة من الأصدقاء والأعداء فها هو كيسنجر زعيم الماسونية العالمية في لقائه مع إحدى الصحف الأمريكية يعترف ويستغرب فيقول : لقد قرأت عن سورية كثيراً, فسورية قليلة الموارد الأحفورية و ما عجبت له وأدهشني أنه كيف استطاع السوريون بناء دولتهم العملاقة ؟
وما أدهشني أكثر تماسك الشعب السوري وتلاحمه رغم أنه يتألف من 40طائفة وعرقاً .
ورب سائل يسأل لماذا يتحلى السوريون بكل هذه الصفات التي تدعو للتلاحم والوطنية والتمسك بالأرض؟
وكي نزيد السائل من الشعر بيتاً نقول : إن تربية المواطن السوري قد تختلف عن تربية أي مواطن آخر في أي بقعة من الأرض , فمنذ أن يولد الطفل لدينا نربيه على المحبة والتسامح ونغذيه بمحبة الوطن وعشقه والتمسك بترابه والذود عنه , ونبعد تفكيره عن كل ما يدعو للتعصب والطائفية , وبهذه التربية العقائدية , لا يقبل أي شاب سوري أن يتخلى عن وطنه أو يضعه خلف ظهره , وأجزم إن كل شاب سوري عانق وطنه قد كتب على صدره مشروع شهادة , وبالتالي ليس غريباً على شبابنا أن يلفتوا أنظار العالم بتماسكهم وتمسكهم بأرضهم و لحمتهم الوطنية وولائهم للوطن بعيداً عن المذهبية والأديان لهذا فهم يستحقون الثناء .