تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


2013 عام الرعب لاقتصاد منطقة اليورو 

مساحة للرأي
الأحد 30-12-2012
بقلم د. قحطان السيوفي

عندما تصبح الأمور معقدة, يصبح التفكير مشوشاً, وهذا حال اقتصاد منطقة اليورو؛ الذي يثير قلقاً عالمياً ,مهما حاول البعض إضفاء البساطة, والقليل من الوضوح حول أزمة منطقة اليورو المتفاقمة والتي تهدد هذا التجمع الاقتصادي بالتفكك والتبعثر شظايا...

الرؤية المتعلقة بالتعاون الاقتصادي الأوروبي والحالمة بنظام مالي موحد برزت عقب الحرب العالمية الثانية, بدأت معالمها اليوم بالانهيار على الأرض. بعد عقود من التقدم البطيء لهذه الرؤية الاقتصادية تعود المؤسسات المصرفية للتخندق وراء الحدود القومية... كما أن المزايا التي جلبها اليورو منذ عام 1999يخبو ألقها, وتتراجع مع فشل مساعي دمج النظام الاقتصادي في القارة الأوروبية العجوز. كما يلاحظ أن القمم الأوروبية المتتالية يجمعها قاسم مشترك هو عدم النجاح... لأن هذه القمم تنتج, عادة, حلولا غير مرضية للمشاكل المالية والاقتصادية التي تواجهها أوروبا... ويزداد القلق في القارة العجوز حول ما يمكن أن يحدث في أعقاب فرضية تفكك منطقة اليورو, وربما تفكك الاتحاد الأوروبي. من الأمور الخطيرة التي تدعو للقلق في أوروبا اليورو؛ تأثير التقشف في النمو مما يشير إلى أن عام 2013 سيكون عاماً صعباً بل خطيراً ومروعاً بالنسبة لاقتصاديات منطقة اليورو. المشهد الاقتصادي العام في دول منطقة اليورو يبدو سوداوياً؛ برنامج إنقاذ اليونان يحتاج إلى (32) مليار جنيه إسترليني لمدة سنتين, وهناك صعوبات جمة تحول دون تأمين هذا المبلغ... وربما يصار إلى تأجيل هذا البرنامج أو بعضه, وربما أيضاً قرار إعادة هيكلة ديون اليونان إلى ما بعد الانتخابات الألمانية في أيلول 2013, وهذا أمر سيكون صعباً ومثيراً للمزيد من القلق, بل أمر يدعو (للجنون) كما يقول (ف. مونشو) في الفاينانشال تايمز... في فرنسا تخفيض التصنيف الاقتصادي الائتماني  والوضع الاقتصادي الصعب, الذي ساهم في خسارة الرئيس ساركوزي للانتخابات, سيزداد سوءاً في عام 2013, وقد أعطت مجلة الايكونوميست لفرنسا اللقب الفخري (رجل أوروبا المريض) في عام 2013. ناهيك عن تفاقم الأوضاع الاقتصادية في اسبانيا, البرتغال, ايرلندا, ايطاليا... الأحزاب المتطرفة في أوروبا, المناهضة لمنطقة اليورو, أصبحت أكثر شعبية؛ كصعود الحزب اليميني المتطرف في اليونان (الفجر الذهبي), في فرنسا حزب الجبهة الوطنية اليميني, في إيطاليا حزب (فايف ستار) هذا الأخير احتل المرتبة الثانية في استطلاعات الرأي, حتى في ألمانيا ظهر حزب (القراصنة). وقد ظهرت في ألمانيا اتجاهات غير مؤيدة لتحمل ألمانيا المزيد الأعباء المالية لإنقاذ دول منطقة اليورو  المنكوبة اقتصاديا... لكن كل شيء يتوقف على بقاء أو رحيل المستشارة الألمانية ميركل في الانتخابات الألمانية خريف 2013... الكثير من المراقبين يرون أن عام 2013 سيشهد تفككاً في منطقة اليورو ويُذكِرون بدولة صغيرة اسمها (ترانسنيستريا) يسكنها نصف مليون نسمة نشأت بعد تفكك الاتحاد السوفييتي حيث انفصلت هذه الجمهورية الصغيرة عن جمهورية مولدا فيا. وهؤلاء المراقبون يرون أن هذا الكيان السياسي الصغير يشير إلى ظاهرة مادية معروفة تتمثل في الانشقاق أو الانشطار (عندما يُجهَد سطح فإنه يتفتت إلى قطع كبيرة, ويستمر التفتت إلى شظايا أصغر وأصغر...). أخيراً نرى أن الاتحاد الأوروبي بشكل عام, ومنطقة اليورو بشكل خاص, أسرى أزمة وجودية  أعمق من أي وقت مضى منذ عام 1945. وفي حين يعتبر التخبط استجابة تتسم بها الأنظمة السياسية الأوربية  المأزومة, وخاصة منها التي تحاول استعادة نفوذ تاريخي ضائع كفرنسا... فإن ذلك يُنذِر بعام جديد خطير ومُروِع لمنطقة اليورو.‏

ويمكن القول هنا أن إعادة عقارب الساعة إلى الوراء لاتعني ببساطة عودة أوروبا إلى منتصف القرن العشرين فحسب بل أن هذا قد يسفر – كما كتب هارولد جيمس في الفاينانشال تايمز – عن إعادة خلق الدويلات الأوروبية الصغيرة التي ترجع إلى منتصف القرن التاسع عشر. وجمهورية (ترانسنيستريا) الصغيرة شاهد على ذلك.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية