تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


بعد انتخاب شريف رئيساً..الصومال إلى أين؟

شؤون سياسية
الأثنين 9-2-2009م
حكمت العلي

مرحلة جديدة من الحراك السياسي دخلها الصومال بانتخاب شيخ شريف أحمد رئيساً للبلاد ، قد لا يمكن التنبؤ بنتائجها على المدى القريب ،،وخاصة مع استمرار أعمال العنف والاقتتال بين الجهات المتناحرة في هذا البلد وسيطرة المسلحين على أقسام ليست بالقليلة منه

ولاسيما مدينة بيداوة ذات الموقع الاستراتيجي والقريبة من العاصمة مقديشو.‏

فمهمة الرئيس الجديد لا تقتصر على إنهاء الحرب الأهلية وإعادة السلام والاستقرار لهذا البلد الذي عانى لسنوات طويلة من حرب أهلية مدمرة تبعها اجتياح القوات الإثيوبية لأراضيه عام 2006وبقائها أكثر من عام ونصف فيه ، بل إن التحديات والصعوبات تتقاطع مع تزايد تدخل الدول المجاورة ومصالح بعض الدول الكبرى وأطماعها في هذا البلد وبخاصة الولايات المتحدة الأميركية التي عملت على تغذية النزاعات الداخلية بين أبناء الصومال وتغذية انشقاقه إلى جماعات متضاربة ، كانت القرصنة على شواطىء البحر الأحمر إحدى أهم أشكالها بغية إيجاد المبررات لإعادة التدخل في هذا البلد ذي الثروات المتنوعة والموقع الاستراتيجي المتميز في منطقة القرن الإفريقي.‏

وعلى الرغم من توافر بعض المقومات التي قد تساعد شيخ شريف في إعادة توحيد البلاد في ضوء تحدره من قبيلة الهوية كبرى القبائل العربية في الصومال ودعم البرلمان له ورغبة بعض أطراف المجتمع الدولي في إعادة الاستقرار إلى هذا البلد إلا أن المعوقات التي تعترض طريقه قد لا يبدو من اليسير تجاوزها بيسر وسهولة، وخاصة أن الحرب قد وسعت من الشروخات بين الأطراف المختلفة إضافة إلى تبني بعضها لأفكار وطروحات تستبعد الآخر نهائياً ناهيك عن حالة الفقر المدقع الذي يعاني منه السكان وعدم وجود معظم البنى التحتية ودمارها خلال الحرب الأهلية، لذلك فإن من المرجح بحسب معظم الأوساط السياسية أن يسلك الرئيس الجديد الطريق الطويل لإعادة الهدوء والوفاق الأهلي من خلال تشكيل حكومة وحدة وطنية كما أعلن تتمثل فيها كل أطياف الشعب الصومالي بما فيها الإسلاميين وبعض الحركات المسلحة على أن تكون هذه العملية السياسية بطيئة ومعقدة للغاية خاصة مع عدم اعتراف الأطراف المتشددة بشرعية الرئيس الجديد وبما يمثلونه من ثقل على المستوى الداخلي وإعلانهم فور انتخابه بأنهم ينوون البدء بحملة جديدة من الهجمات الخاطفة ضد الحكومة إضافة إلى تدخل بعض الدول المجاورة في شؤون هذا البلد وعدم تخلي واشنطن عن طموحاتها في إعادة السيطرة عليه بهدف السيطرة على ثرواته ولموقعه الاستراتيجي المهم وهي لذلك ستحاول تقوية حلفائها على حساب الشعب الصومالي حتى لو أدى ذلك إلى استمرار العنف والاقتتال بين أبناء هذا البلد.‏

وينطلق الرئيس شريف في مهمته من مواصلة ما تم الاتفاق عليه في محادثات جيبوتي للسلام والذي يعتبر من المؤيدين لها وإدخال التعديلات المناسبة عليها من أجل استقطاب أكبر عدد من المؤيدين لها من الفصائل الصومالية وبخاصة تلك التي وافقت على الدخول في مفاوضاتها عام 2008 بهدف الوصول إلى مصالحة حقيقية بين أبناء الشعب الصومالي البالغ تعداده أكثر من عشرة ملايين نسمة بعد معاناة استمرت على مدى 18 عاماً من العنف العشائري والفوضى وانعدام الأمن وأدت فقط خلال العامين الماضيين إلى مقتل أكثر من 17400 شخص وتهجير قرابة مليونين ونصف المليون من بيوتهم وديارهم كما أن ثلث السكان يعتمدون على المساعدات الغذائية.‏

وفي ضوء تشكيك أطراف صومالية كثيرة في أن تؤدي عملية جيبوتي إلى إحلال السلام على افتراض أنه مهما يكن من سيتولى الرئاسة وبغض النظر عن اسمه أو مقدراته فإنه سيواجه تهديداً كبيراً من الداخل مقروناً بالتشكيك في شرعية ومصداقية انتخابات تجري في الخارج فإن مهمة تحقيق السلام والأمن وإعادة الاستقرار وتحقيق التطور في الصومال تبدو مهمة محفوفة بالمخاطر والتحديات، وقد لا ينتشل هذا البلد من واقعه المتردي مجرد المؤتمرات والدعوات السياسية خاصة مع سيطرة المسلحين على أكثر من مدينة صومالية بما فيها بيداوة الموقع الحيوي والقريب من العاصمة مقديشو ورفضهم الانسحاب منها أو الدخول في الحياة السياسية لهذا البلد بواقعها الحالي، إضافة إلى التدخلات الخارجية وتنامي الأطماع في ثروات هذا البلد ومقدراته والتي تزيد الطين بلة إذا لم نقل بأنها هي أصل البلاء والفتنة من خلال تغذيتها للاقتتال والعنف في هذا البلد الذي أنهكته الحروب الأهلية والتدخلات الخارجية وبخاصة بعد عام 1991.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية