تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


السلام خيار استراتيجي.. والمقاومة أيضاً؟!

شؤون سياسية
الأثنين 9-2-2009م
حسن حسن

وضع العرب السلام في مقدمة أولوياتهم وحينما عقد الملوك والرؤساء قمتهم في القاهرة 23/6/1996 جعلوا السلام العادل والشامل هدفاً وخياراً استراتيجياً وفسروا مفهومهم لهذا السلام العادل والشامل

باستعادة الحقوق والأراضي المحتلة وذلك وفقاً للمبادئ التي اتفق عليها في مدريد وخاصة مبدأ الأرض مقابل السلام والتأكيدات المقدمة إلى الأطراف.‏

ولكن القادة العرب تركوا مفهومهم عن السلام العادل والشامل دون قوة تحميه وتفرضه على من يرفضه، ذلك أنه من المعروف تاريخياً وفي موازين القوى العالمية أن من يريد السلام عليه أن يستعد للحرب، وإذا كانت مفردة الحرب تعني أموراً غير ما تقصده الحكمة التاريخية، فإن السلام يحتاج إلى حصن يمنع عنه العدوان ويرد على من يهدف إلى تدميره.‏

ولقد كرر القادة العرب في مؤتمر بيروت 28/3/2002 خيارهم هذا وهو السلام العادل والشامل وتطبيع العلاقات مع إسرائيل مقابل أن تقبل بقيام دولة فلسطينية مستقلة وتنسحب من الأراضي العربية المحتلة حتى خط الرابع من حزيران 1967 وتقبل التوصل إلى حل عادل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين وفقاً للقرار 194، ومرة أخرى عاد العرب ليؤكدوا أنهم مع السلام وبالتالي فإنهم لايبيتون حرباً ضد إسرائيل لكن المهم أن يكون هناك من يتلقى هذا الكلام ويفهمه ويقابله بكلام مماثل ليكون بعدئذ تقدم نحو سلام حقيقي.‏

لم يسبق أن فعلت إسرائيل ذلك حتى في أفضل أيام عملية السلام، لقد جرى التعامل مع السلام عربياً بجدية وكانت المعطيات غير واضحة، فظهر السلام كخيار استراتيجي كأنه السبيل الوحيد المفتوح والمتاح للحفاظ على ما تبقى من تماسك عربي، وقد وجد من يقول: إن هذا السلام إذا تحقق لن يكون أكثر من هدنة طويلة يصار فيها إلى انتظار اللحظة المناسبة لاستئناف الصراع أملاً في تحصيل الحقوق العربية، ولكن في المقابل لم تكن هناك جدية إسرائيلية، فمنذ اللحظة الأولى حتى خلال مؤتمر مدريد كان الإسرائيليون يقولون علناً إنهم دخلوا العملية مضطرين بضغط من العرّاب الأميركي لكنهم سيجعلون المفاوضات روتيناً أبدياً لا نهاية له وحتى الإسرائيلي رابين الذي خطا بعض الخطوات المتقدمة من خلال اتفاقات أوسلو جرى التآمر بين الأجهزة والمتطرفين فسقط قتيلاً لئلا يمضي قدماً في هذا السلام رابين فلم يكن اسحق رابين نبياً للسلام، في عهده بنيت مستوطنات جديدة متوسعة وارتكبت مجازر ضد الفلسطينيين وجرى تدبير التغطية السياسية والقضائية للتغطية، ولكن المهم أنه أدرك أن هناك حاجة ملحة لتحضير المجتمع والجيش الإسرائيلي لقبول متطلبات السلام، بعده لم يعد الأمر مطروحاً فقد أطاح الحكام الإسرائيليون المتعاقبون فكرة السلام من أساسها واعتمدوا نهجاً متغطرساً ينبذ احتمالات الانسحاب من الأرض مقابل السلام، ومنذ بنيامين نتنياهو مروراً بإيهود باراك وصولاً إلى سيئ الذكر إيهود أولمرت شهد مسار السلام تدهوراً منهجياً فحصل انقلاب على العملية الأميركية ولم يكن بطل الانقلاب سوى الحليف الاستراتيجي.‏

هذا كيان يمارس الكذب في وضح النهار ولا يزال يعتقد أنه قادر على خداع الرأي العام العالمي والمؤلم أنه يجد دائماً حليفاً أميركياً يصدقه ويبني مواقفه وسياساته على أكاذيبه، هذه دولة تمارس الإرهاب والتطرف منذ نشوئها وتخالف القوانين الدولية فيما هي تعنف الآخرين إذ يخالفون مثلها، لا تزال تعتقد أنها قادرة على التمتع بما تعطيه القوانين الدولية من حقوق من دون أن تلبي ما تفرضه من واجبات، وفي الآونة الأخيرة انكشفت الوجوه إلى حد سقطت الأقنعة وسواء عاندت الولايات المتحدة وأصرت على مفهومها الناقص للإرهاب وصنفت الفصائل الفلسطينية وناصبتها العداء رغم أن أياً منها لم يتعرض للمصالح الأميركية ولا للأشخاص الأميركيين ،فإن العالم شاهد بملء عيونه تضحيات الفلسطينيين في أروع ما تكون النضالات من أجل الوطن واستقلاله.‏

لقد قابلت إسرائيل المبادرة العربية للسلام بالحروب والرفض الدائم للسلام، والأهم هو ما تكرر منذ عام 1996 حتى اليوم في مختلف مؤتمرات القمة العربية، وذلك أن تلك المؤتمرات تركت بقصد خيارها الاستراتيجي السلام العادل والشامل من دون أي وسيلة أو قوة تدافع عنه وتحميه حتى إذا تولت إسرائيل الرد عليه وتدمير ما بناه مؤتمر مدريد انكشف ذلك السلام ليظهر يتيماً فقيراً لا حول له ولاقوة، فسهل على إسرائيل أن تقتله وتمشي في جنازته وهكذا فعلت بدعم من الإدارة الأميركية ورضاها المطلق.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية