تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


ما ننتظره من مؤتمر القمة القادم..

شؤون سياسية
الأثنين 9-2-2009م
نبيل الملاح

من المفترض أن تلتئم القمة العربية الدورية في شهر آذار القادم، ورغم أن الكثيرين لا يعّولون على القمم العربية فأنا من المؤمنين بضرورة استمرارها وعدم التخلي عنها بأي ذريعة كانت

رغم إدراكي العميق لما آلت إليه اجتماعات القمة العربية من خلافات واختلافات، أدت وتؤدي إلى إضعاف الكيان العربي وتمزيقه لدرجة أن البعض طالب بإلغاء هذه القمم.‏

وجاءت الحرب على غزة رغم قسوتها وبشاعتها لتبث الأمل في النفوس من خلال ما شاهدناه من تحرك عربي شعبي في كل أرجاء الوطن العربي نصرة لأهل غزة ومقاومتها الباسلة، هذا التحرك وهذا الموقف الشعبي الصارخ في وجه العدو الإسرائيلي ومن يسانده لا بد أن يصل إلى عقول ووجدان القادة العرب ليدركوا أن الاستمرار في الحال الذي هم عليه سيعصف بالكيان العربي كله وسيكونون هم أول الخاسرين فالشعوب لا تموت وإن استكانت لفترة من الزمن.‏

إن ما شاهدناه ونشاهده من انقسام عربي-عربي وانقسام فلسطيني-فلسطيني أمر يدعو إلى التشاؤم والخوف من القادم فالمستفيد الوحيد من هذا الوضع هو العدو الصهيوني والطامعين في ثروات أمتنا العربية.‏

وعلينا أن ندرك أن استمرار هذا الانقسام سيضيع الحقوق العربية والفلسطينية ويساعد إسرائيل على التهرب من استحقاقات السلام وتمييعه، وأخشى ما أخشاه أن تكون الصهيونية قد استطاعت زرع بذور هذا الانقسام وتكريسه بعد أن أصبح استحقاق السلام ضاغطاً على إسرائيل ولا سيما أن العرب قدموا كل ما يمكن تقديمه، وإسرائيل لم تقدم شيئاً حتى الآن بل على العكس تماماً وترد دائماً بمزيد من القتل والتدمير.‏

وليس من باب تكرار مثل هذه العبارات أرى أن مؤتمر القمة العربية القادم سيكون مفصلياً وتاريخياً بالنسبة للصراع العربي الإسرائيلي والمستبقل العربي عموماً فلا يجوز بحال من الأحوال أن تنعقد هذه القمة وتنفضّ كسابقاتها، وعلى الأمانة العامة للجامعة العربية أن تبدأ فوراً بالتحضير لهذه القمة تمهيداً لوضع رؤية عربية متكاملة لحسم قضية الصراع العربي الإسرائيلي بما يؤدي إلى سلام شامل وعادل ودائم.‏

فلقد آن الأوان لأن تحدد القمة العربية مدة زمنية لمبادرة السلام العربية التي أقرت في العام 2002 ولم تستجب لها إسرائيل من قريب ولا من بعيد وكما طالبت سورية في مؤتمر قمة دمشق في العام الماضي وكما أعلن العاهل السعودي الملك عبد الله وهو صاحب المبادرة أن المبادرة لن تبقى على الطاولة إلى الأبد، ما يوجب اتخاذ قرار بتحديد مهلة زمنية للالتزام بهذه المبادرة واعتبارها مسحوبة بعد نفاد هذه المهلة.‏

وفي المقابل يتوجب عدم المطالبة بالتخلي عن المقاومة لحين تحقيق السلام المنشود، حيث إن التجارب السابقة كلها بدءاً من مؤتمر مدريد وحتى يومنا هذا أكدت عدم جدية إسرائيل في إنجاز عملية السلام وعلينا أن ندرك أن خيار السلام وخيار المقاومة هما خيار واحد.‏

ولا يجوز بحال من الأحوال أن يتضمن أي اتفاق سلام ما يؤدي إلى إضعاف الجيوش العربية والحد من قدرتها وحركتها فالقوة هي التي تحمي الأوطان وهي التي تحمي السلام وتحافظ عليه.‏

ورغم ما أبدته الإدارة الأميركية الجديدة من حماس لإنجاز عملية السلام في الشرق الأوسط وكلنا أمل أن يتمكن الرئيس أوباما وإدارته من الضغط على إسرائيل للالتزام بتطبيق قرارات الشرعية الدولية، علينا لا نراهن كثيراً على الدور الذي يمكن أن تلعبه الولايات المتحدة الأميركية، فما أعلنه السيد جورج ميتشل من أن الأولوية بالنسبة لأميركا هي «أمن إسرائيل» وما قاله عند تنصيبه مبعوثاً خاصاً للشرق الأوسط حول إقامة الدولة اليهودية الإسرائيلية لا يبشر بوجود راع نزيه.‏

وهنا أعود وأذكر بما كتبته في مقال سابق قبل انتخاب الرئيس أوباما بأنها الفرصة الأخيرة لتحقيق السلام الشامل والدائم في منطقة الشرق الأوسط، فإن ضاعت هذه الفرصة ستكون المنطقة بل والعالم كله في حالة اضطراب وصدامات لا يمكن ضبطها وستصبح المقاومة حالة شعبية عامة لن تستطيع أي قوة مواجهتها.‏

أعود إلى القمة العربية المقبلة متمنياً أن تتمكن من استكمال المصالحات العربية التي من دونها لن يتمكن العرب من إنجاز أي شيء وفي أي مجال من المجالات بل سيكون الكيان والوجود العربي برمته في خطر داهم.‏

أمر آخر لا بد من دراسته ومعالجته، فالعلاقة العربية -الإيرانية كما هي العلاقة العربية- التركية يجب أن تكون طبيعية وراسخة فلا يجوز على الإطلاق الدخول بحالة مواجهة بين بعض الأطراف العربية وإيران ، فمثل هذه المواجهة لن تخدم إلا إسرائيل وإذا كان لهذه الأطراف أي تصورات أو ملاحظات فعليها أن تطرحها ضمن البيت العربي بهدوء وعناية بعيداً عن التصريحات التصعيدية التي لا تخدم الأمن القومي العربي.‏

كل هذه الأمور يجب أن توضع على جدول أعمال القمة العربية المقبلة وتناقش ضمن إطار مجلس الجامعة العربية وعلى مستوى وزراء الخارجية تمهيداً لعرضها على اجتماع القمة الذي يجب أن يلتئم ولا ينفضّ قبل البت واتخاذ القرارات المناسبة في كافة الأمور والقضايا المطروحة. وهذا ما ننتظره من مؤتمر القمة القادم، فلقاء الزعماء العرب وتفاهمهم في غاية الأهمية لتحقيق الأمن القومي العربي.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية