تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


ملك الحنّاء والكحل

آراء
الأثنين 9-2-2009م
حسين عبد الكريم

ينقصها تسريح الجدائل والكحل فوق الجفون ...

وماذا ينقصها حتى يكتمل كلام العيون وتأتلق الجدائل؟‏

أنت تسألين :ماذا ينقصها؟ وأنت أدرى بفنّ التسريح والجدائل والحناء والكحل الأنيق والحسن الهفهاف .. لماذا تسألين ؟‏

السؤال ينفع قلب العاشق ويشفيه من أعباء اشتياقه وموسيقا نبضه‏

(وكثيرٌُُ من السؤال اشتياق‏

وكثير من ردّه التعليل)‏

ولم ينته الكثير من سؤال الاشتياق وتعليله، حتى باده المحبين شيخ المنشدين وسيِّد من يقدم الحناء في أحسن حالاته، وأكبر فناني الكحل الكونيين، إذ هو يبرع في إضفاء حنائه وبسط نفوذ ألقه المدهش، والأبهات ...وحين يمعن في شرح درس الكحل وتطبيق معلوماته، تعلو قامات البهاء ويكتمل بريق الحسن، أو يكاد يكتمل.. الربا والتلال والقرى والمدن تلميذات وعاشقات وجميلات في مدرسة العاشق والأستاذ الكبير،بل هو أستاذ الأساتذة وعاشق العشاق وشاعر الكون المزهر والمنشد بأعلى النبرات وأعذب الموسيقا.‏

قبل حضور المطر تشحب ملامح الأمكنة، ويضيع زهو الزمان، وتدخل المدن والقرى في شقاء دروس الغبار واليأس، وتبدأ الحقول بالانسحاب من مقرر الاخضرار...‏

وحين يحضر ومعه نثره أوشعره يزداد عدد طالبات صفوف الفنون والجمال والاخضرار، ويحلو شكل الحناء المقدم حبا للجدائل، ويزدهر لون كحل العيون، التي تعود إلى امتحانات النظرات البليغة: كل نظرة غيمة شوق والالتفاتات تحيات ساقية ومزمار مروج وضفاف بهجة غامرة...‏

الجميع طلاب في مدرسة المطر الكونية:‏

الطلاب يشعرون بالأسى والفشل حين يتأخر عن إلقاء خطبه الرنانة وقصائده الفريدة ومحاضراته الخاصة، ويحاولون استرجاعها والإصغاء إلى أصدقائها ...‏

والطالبات ينقطعن عن دروس التدبير العشقي والجمال والأناقات والحناء والكحل حين يغيب أو ينشغل..‏

ماهذا السحر والإدهاش الذي يتمتع به هذا العبقري: المطر؟‏

قرية تتسكع على باب العطش وأخرى تطلب حناءً، وأخرى تبيع بهجتها لدكان الأسى، ومدينة ترمي قصائد عشقها في سلة اليباس، وثانية تسأل: أين الكحال الفنان؟ هل نسي أن يجيء إلى الدروس؟ ومدن وبلدات تركت جدائلها في عهدة الريح من غير اهتمام وعناية إلى أن يجيء الأستاذ الكبير، ويلقي محاضرات الحناء النضر، ويبدأ دروس التدبير العشقي المؤبد، ويعيد ترتيب البهاء وهندسة النضارة : المطر موزع نضارات وبائع بهجات طويلة الأمد ومؤثرة أشد وأعمق التأثير.. والفقراء والأغنياء محتاجون لدروس التدبير والبهاء المطريين.المطر عبقري التدفق والينابيع ونبي الحناء والاخضرار والكحل البهاء: يسرد في درس واحد قصص الزهر والشجروالغابات والمراعي، ويبث حكمته في الحارات والممرات والدكاكين وعلى الأسطحة، ويجدد بخطبة طويلة شباب مخيلة ونضارة نهر وساقية وحاشية من جداول..‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية