(سيناريو ناجح وفيه تكثيف سينمائي أمين لروح نصي) ، وقد اجتاز الفيلم مرحلة موافقة اللجنة الفكرية في مؤسسة السينما وهو الآن قيد التحضير لانطلاق تصويره قبل منتصف العام . حول الفيلم كان لنا هذا اللقاء مع المخرج سمير ذكرى .
ـ ما التعديلات التي طُلِبت في اللجنة الفكرية على الفيلم ، وما الذي آلت إليه النتائج ؟
سأكشف لك سراً .. فقد سارت الأمور كما خططت لها تماماً ، إذ انتقلت من الرواية إلى صيغة موسعة ذات سياق آخر لأن الرواية ليس فيها سياق متطور ، فهي (محاولة أولى ، محاولة ثانية ، محاولة ثالثة ، محاولة رابعة ، محاولة خامسة للسرد وهذا لا يُبنى عليه فيلم) ولذلك أسمتها الكاتبة بالرواية المستحيلة ، لكني بنيت سياقاً للسرد متطوراً فوضعت الصيغة الأولى بشكل موسع ، وظننت أن اللجنة الفكرية ستتعاون معي بمعنى أنني على سبيل المثال في لحظة طرحت موضوع الاحتفاء في الذكور فوضعت أربعة مشاهد بحيث إن رفض مشهد رقابياً قُبِل الآخر .. ولكن في النهاية خرجوا بملاحظة أن النص طويل !.. والمفارقة أنني أعرف هذا الأمر لكني كنت أنتظر معرفة رأي اللجنة حول تفضيلها أي من تلك المشاهد ، وهناك في اللجنة من وجد أنه ليس من الضروري أن يقرؤوا الرواية ، ولكن كيف ستقتني رواية لتحوّلها إلى فيلم دون أن تقرأها ؟.. وفي النهاية خرجت الصيغة المُصغرة والمكثفة عن الأولى ، وكان من الممكن أن تسير الأمور بسلام من الصيغة الثالثة ولكن كان هناك حوار هو أشبه (بحوار الطرشان) لأشخاص لم يقرؤوا الرواية ولم يقرؤوا أو يناقشوا معي المقاربة الفنية التي تقدمت بها والتي تعني خطتي للعمل على هذه الرواية لأنتهي منها بسيناريو سينمائي !.. والصيغة الأخيرة هي الصيغة التي كنت أريدها أصلاً . لكن الفيلم كما يعرف الجميع ليس حالة جامدة وبالتالي فالسيناريو الموافق عليه لن يبقى لأن العملية الإبداعية دائمة التطور حتى النسخة صفر ، وكان الأجدى أن يوافقوا على السياق العام .
ـ إلى أي مدى يمكننا القول إن الرواية هي البستان الخصب للسينما ؟
لقد عملت على (بقايا صور) للكاتب حنا مينه وقدم الفيلم المخرج نبيل المالح ، كما قدمت (حادثة النصف متر) عن رواية صبري موسى ، و(تراب الغرباء) عن رواية لفيصل خرتش ، أما (الوقائع الغريبة) عن إيميل حبيبي (الوقائع الغريبة في اختفاء سعيد أبو النحس المتشائل) فهناك موافقة عليه وينبغي أن يتم إنتاجه إلا أن أسباباً إنتاجية أوقفت المشروع ، وقدمت (الزورق) عن رواية حسن سامي يوسف لكن توقف إنتاجه .
الرواية بستان خصب للسينما ، ولكن يعود الإشكال حول الانتقال من جنس فني إلى جنس فني آخر ، وقد كان يقول نجيب محفوظ (الرواية أمر ، والفيلم أمر آخر) وهناك مدرستان ، المدرسة الأمريكية التي يهمها الحتوتة من الرواية ومن ثم هي تقدم الفيلم الذي تريد ، والمدرسة الأخرى التي تقول فلنأخذ الرواية لأنها قيمة بحد ذاتها ،وبالتالي ينبغي أن تكون مخلصاً في نقلها باللغة السينمائية المعُبرة .. كما قالت الكاتبة غادة السمان في شهادتها عن سيناريو حراس الصمت (كان المخرج أميناً لروح النص) وقال صبري موسى عن (حادثة نصف متر) أنني ذهبت بالفيلم بعيداً عن الرواية ولكني ذهبت عميقاً فيها ، وبالنسبة إلي فهذا ما أفضله في تناول الروايات أي أن أقدم قراءتي .
ـ كيف سيتم تناول البيئة في الفيلم ؟
هناك بيئة دمشقية تعود للأربعينيات والخمسينيات من القرن العشرين وهي مختلفة عن التزوير الذي يحصل في بعض الأعمال مثل (باب الحارة) لأن هذه الأعمال لا تمثّل البيئة الشامية بينما لدى الكاتبة غادة السمان البيئة الشامية موجودة بسلبياتها وإيجابياتها وحكمتها وعلاقاتها .
ـ هل يمكننا الحديث عن خطوط جديدة في الفيلم وخطوط تغيرت لتتناسب معه ؟
بالطبع فالبناء الدرامي خاص بالفيلم وغير موجود في الراوية ، وكما قلت للسيدة غادة السمان بما أن الرواية مؤلفة من أربع محاولات للسرد ثم محاولة خامسة لم تُكتب ، فيمكن اعتبار الفيلم هو المحاولة الخامسة التي لم تكتبها ولكن فيه روح الرواية بالكامل والشخصيات والمسلكيات وفهم الكاتبة .
ـ أين وصلت بمراحل الاستعداد ؟
نقوم الآن بانتقاء الممثلين المناسبين ، وقد أجرينا عمليات الاستطلاع لكن واجهتنا مشكلات كبيرة فدمشق الأربعينيات والخمسينيات بالنسبة إلي لم تعد موجودة ، وعلى سبيل المثال تصف الكاتبة البطل الرئيسي في العمل وهو يجلس على مصطبة في منزل بالريحانية ويدخن نرجيلته بينما مياه النهر تتدفق أمامه ، فذهبت للمكان وإذ بالبيت قد سوي بالأرض والأشجار مقصوصة ورائحة النهر كريهة .. و رغم أن هناك صعوبة في إيجاد البديل لكني سأبحث عنه لأصور فيه بلودان والزبداني والغوطة والأمر ذاته مع الأمكنة الأخرى .