تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


المسنون .. خبـــرة وحكمـــة .. عطـــاء وبركـــة

مجتمع
الثلاثاء 16-12-2014
فاطمة حسين

لعل الأزمة وما لحقها من تداعيات جعلت نسبة المسنين ترتفع في سورية بنسبة 10%...وهذا يجعلنا نلتفت أكثر إلى الكبار في السن وكيف يقضون الوقت الباقي من العمر الذي أمضوه في العمل والجد والكد من اجل إتمام رسالتهم المقدسة في الحياة على أكمل وجه ....

ذلك العمر الذي يمر بفصول كما فصول السنة فلكل فصل له نكهته وطعمه الخاص فهو الشباب في الربيع يشتعل حماسة وقوة وفي الصيف ينضج ويصبح كالشجرة المثمرة التي تعطي الخير للجميع بلا حدود وفي خريف العمر يكون قد أعطى زبدة حياته وتجربته دون مقابل من الآخر أما في مرحلة الشيخوخة التي هي أشبه بالشتاء فيبحث عن الدفء والحنان...والرعاية والكلمة الطيبة وقد اكتسب الخبرة والحكمة ..وهناك الأمثال التي تعد ولا تحصى عن بركتهم ومكانتهم يقولون ( الختيار بركة في الدار )...(واللي ما الو كبير ما الو تدبير ..)....‏

في المحطات الأخيرة من رحلة العمر .... البعض يخلد إلى الهدوء والسكينة بعد أن قضى عمره في العمل والمسؤوليات العائلية والبعض يستمر في العمل لان العمل هو الحياة والكرامة وسط من الجو العائلي الحميم مما أعطاهم دفعا وقوة .. ..فلولا هؤلاء الكبار لم يكن هناك منتجون.. ومدافعون عن الوطن ....ولولا الكبار لم يكن هناك طعم للحياة...‏

... صراع مع الزمن ...‏

.... في الريف وفي الطبيعة كانت حياته وقد تجاوز الثمانين ...انه أبو مالك : رأيته في الصيف الماضي كان في الأرض كالعادة ...سألته ألا تتعب من العمل في الأرض ؟ ..فرد لولا هذا العمل لكنت تحت الأرض منذ زمن ...فهي كل شيء بالنسبة لي ولولاها لما استطعت تربية أبنائي الشباب الثمانية والذين الآن لهم أسر و أولاد والبعض منهم لديه أحفاد ...فالأرض هي كرامتي وعزتي ومنها أعيش....) .. وتركته وقد أحنى الزمن ظهره متمنية له طول العمر ووافر الصحة ...‏

رغم التقدم بالعمر لم تزل ...قوية ...شامخة‏

فلم يكن هو الوحيد الذي أعطاه العمل القوة والاستمرار في الحياة فهاهي السيدة أم فؤاد و قد تجاوزت السبعين من العمر وقد انتظرت حتى أنهت عملها من حلابة البقرة التي تعتمد عليها في معيشة أسرتها فالزوج قد تقاعد منذ زمن وهو لن يستطيع عمل شيء سوى الإشراف على عمل أبنائه في الأرض أما هي فقد أقبلت كما عرفتها منذ أكثر من عشرين عاما امرأة قوية البنية ...ذات الوجه البشوش والابتسامة لا تفارق وجهها قابلتني بقولها :( لقد انتهيت من حلب وإطعام البقرة .. منذ الصباح الباكر اعمل وقد زادت مسؤولياتي بوجود الأحفاد وتأمين ما يلزم لهم وعملي هذا هو الذي أبقاني واقفة على قدمي...وأنا سعيدة بهذا ...) أما السيدة أم فواز وهي أرملة أسرتها مؤلفة من ثمانية أفراد اغلبهم فتح بيوتا وأصبح لديهم أسرهم وحياتهم الخاصة فهي تتم واجباتها على أكمل وجه كما العادة قائلة : (استيقظ منذ الساعة السادسة صباحا واحضر الإفطار لأبنائي الذين يعملون في مكان آخر وأقوم بتأمين ضروريات البيت ...ثم أتوجه نحو الأرض حيث اعتني بالخضراوات التي ازرعها من اجل المنزل ..اقضي وقتي عملا وحركة رغم إنني أعاني قليلا من الألم في ركبتي ...)‏

الوجه ...الآخر..‏

وفي المدينة حيث تقطن السيدة أم وسيم وهي سيدة تقاعدت من وظيفتها منذ أكثر من 20 عاما كمدرسة لغة عربية ..فقد أبت أن تجلس دون عمل ...فكما حدثتني قائلة :( ارفض أن أعيش في مرحلة الانتظار انتظار النهاية ... ..فقد أصبح لدي الوقت لممارسة هوايتي المفضلة وهي الكتابة فاكتب بعض القصص وأحاول نشرها ..فضلا عن مسؤوليتي اتجاه أولادي ...ولا أفكر إلا في العمل ..والكتابة فقط )...وزوجها الذي يعاني أحيانا من الديسك نتيجة عمله كمدرس أيضا للغة العربية فقد حدثني قائلا : لا أزال اعمل وأعطي دروسا خصوصية للطلاب من جميع الفئات كما أعطي في المعاهد الخاصة لا وقت للفراغ والملل فكل وقتي أعطيه للطلاب وافتخر بعملي ..)...أصبح عمره أكثر من 70 عاما ولازال يعطي السيد ع.د وهو أستاذ في الجامعة :(الاعتقاد أن سن التقاعد يساوي الموت عند الأغلبية لكن بالنسبة لي إن الحياة لا تتوقف ولابد من السير قدما في طرقها الوعرة ولاسيما في هذه الأيام والذي يعطيني تفاؤلا وأملا هو منظر الطلاب الذين أراهم يملؤون القاعة حماسا ونشاطا ...)...‏

هي الحياة الحبلى بالمئات من الذين يفنون حياتهم بالعمل ... غير آبهين بالعمر الذي يمر...فالشيخوخة هي في الروح والإحساس وليس في الجسد...‏

رأي....‏

وقد أفادتنا د. سوسن عدوان في علم الاجتماع قائلة : المسن هو من تجاوز الستين فما فوق فهذا السن هو سن التقاعد ولكن ليس كل المسنين ليس لديهم عمل فهذا يختلف باختلاف المشاكل الصحية مثال الأستاذ الجامعي فوق السبعين ولازال يعطي ومنهم من يقومون بأعمال معينة وهناك ليس لديهم إمكانية اقتصادية فيشعرون بأنهم عالة على الآخرين فيقل اهتمام الأسرة فيهم وبالتالي يلجؤون إلى تسليمه لدار لرعاية المسنين ولكن مثل هذه الحالة نادرة لدينا فمشاكل المسنين اقل هنا في مجتمعنا السوري لان هناك احتراما لكبار السن في العائلة ...الآن في الدول الكبرى تعمل على تدريس كيفية إرشاد كبار السن فهم بحاجة إلى إرشاد حتى في المنزل فهو يعاني من مشاكل صحية والبعض من أمراض مزمنة ومنهم من يعاني اقتصاديا نتيجة لعدم العمل ... وهناك من يخاف من الموت ولذلك يفترض على الدولة أن تقوم بالإشراف على المسنين عن طريق تامين نواد يكون فيها نشاطات معينة.. فتستفيد من مهاراتهم وأنشطتهم.. وقبل كل هذا يفيدون أنفسهم فينتجون حتى يقضوا على وقت الفراغ العدو الأكبر للمسن ...ولا ننسى دور الإعلام الذي له دور كبير في توجيه الأسر وتوعيتهم بأهمية المسن ومعاملته معاملة لائقة ..‏

وأخيراً يبقى لكبار السن مكانتهم في الحياة ...واحترامهم وتقديرهم واجب علينا كمجتمع... وكمؤسسات ..... علينا فقط منحهم جرعة حب وحنان ...لتكون خبرتهم منبعنا ودعواتهم خير معين لنا ...... فطوبى لمن يعمل اليوم كأنه يموت غدا ...‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية