وكم الأفواه والسيطرة على الإعلام والإعلاميين، ليس إلا كمن ينفخ في النار، بينما أحوال الداخل التركي تزداد سوءا بفعل تضرر الاقتصاد جراء ذلك، وها هي قضية السفينة مرمرة المتضامنة مع قطاع غزة ضمن أسطول الحرية تعود للواجهة لتكشف وتفضح هذا الخبث «للعدالة والتنمية»، وما إظهاره الغضب إلا لكسب الشعبية.
صحيفة جيهان التركية وفي مقال نشرته أمس بينت أن فضائح جديدة لحكومة حزب العدالة والتنمية بدأت تظهر على السطح وتتعلق هذه المرة باستغلال هذه الحكومة أحداث سفينة مافي مرمرة التي وقعت في عام 2010 وأسفرت عن مقتل 9 مواطنين أتراك على يد إسرائيليين وانتهاجها سياسة النفاق بشأن هذا الموضوع.
وكشفت أن السبب بعدم إجراء أي محاكمات أو مقاضاة ضد مسؤولين إسرائيليين في هذا الموضوع لأن «العدالة والتنمية» التي كان يترأسها رجب طيب أردوغان لم تقحم بإحالة الأوراق والمستندات المتعلقة بالاعتداء على السفينة لمحكمة الجنايات الدولية كما زعمت.
وكردة فعل عنيفة على الفضيحة الجديدة قال بولنت يلديرم رئيس جمعية المساعدات والإغاثة الإنسانية التركية التي حاولت اختراق الحصار: هناك أحصنة طروادة داخل الحكومة يقفون أمام إرسال هذه القرارات إلى الإنتربول.
الأمر لم يتوقف عند ذلك حيث كشفت الصحيفة أنه وعقب هذا تبين أن حكومة أردوغان ارتكبت فضيحة أخرى فيما يتعلق بالموضوع نفسه حيث كشفت سيبيل آر أصلان الكاتبة بصحيفة ستار التركية أن حزب العدالة والتنمية لم يمنح ممثلي حكومة جزر القمر تأشيرات دخول وهم الذين كانوا يرغبون في الإدلاء بأقوالهم في قضية مافي مرمرة التي يتم النظر فيها حاليا في الدائرة السابعة بمحكمة الجنايات في إسطنبول الأمر الذي اضطرهم للعودة إلى بلادهم مرة أخرى.
وأشارت إلى أنه إذا ما علم أن السفينة كانت تحمل علم جزر القمر في أثناء عملية الاقتحام عندئذ ستتفاقم أبعاد الفضيحة أكثر من ذلك، وتساءلت الكاتبة جاء ممثلو دولة جزر القمر وبينهم مستشار رئيس الجمهورية إلى تركيا بهدف التباحث حول القضية وقد اضطروا للعودة من تنزانيا وكينيا قبل الوصول إلى تركيا، لأن السلطات التركية رفضت أن تمنحهم تأشيرة دخول ولكن ما السبب في ذلك..؟ وأوضحت أن الحكومة لم تقدم المعلومات التي طلبتها محكمة الجنايات الدولية بشأن العدوان السافر على السفينة.
أما محاولات أردوغان كم أفواه الإعلام عبر حمل الاعتقالات الأخيرة فقد أثارت موجة استنكار من قبل كمال كليتشدار أوغلو رئيس حزب الشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة في تركيا، حيث نقلت صحيفة جيهان التركية عن كليتشدار أوغلو قوله في تعليق على الحملة الشعواء لـ»العدالة والتنمية» في مطار اسنبوغا بالعاصمة أنقرة قبيل توجهه إلى اسطنبول: لا يمكننا أن نقبل اعتقال الصحفيين واقتحام مقار الصحف والقنوات التلفزيونية، ولن نسكت عنه أبدا، لا يهمنا اسم أو هوية المظلوم ولا ننظر إليهما ونحن سنقف إلى جانب المظلومين بغض النظر عن أسمائهم وهوياتهم وأتمنى أن يعلم الجميع ذلك، وما تشهده تركيا اليوم هو عملية انقلاب على الديمقراطية وأن هذه الفترة التي نعيشها لا يمكن تسميتها بفترة ديمقراطية سليمة وإنما هي فترة انقلابية.
وعلى خلفية الحملة التي شنتها شرطة اردوغان اعتبرت وسائل الإعلام التركية تمثل ضربة لحرية التعبير والديمقراطية، وعنونت صحيفة «زمان» التي داهمت شرطة أردوغان مقرها واعتقلت رئيس تحريرها أكرم دومانلي على خلفية سوداء أن ما جرى يوم أسود للديمقراطية، وقالت: ستحافظ زمان على خطها المسالم من أجل الديمقراطية والحرية، وبينت أن «تركيا باتت على حافة الهاوية».
وفي صحيفة «يني شفق» انتقد الكاتب عبد القادر سلوى التوقيفات بحق الصحفيين المعارضين وكتب أندد بشدة بتوقيف دومانلي وهداية قره جا مدير تلفزيون سمانيولو تي في وأرفض هذا الخطأ أيا كان مصدره، صحيفة حرية اعتبرت في مقالة بتوقيع أحمد هاكان أن توقيف الصحفيين يشكل ضربة للديمقراطية وحرية التعبير في تركيا.
وقد أعلن صباح أمس الإفراج عن 3 من المعتقلين الـ27 بينما لا يزال 24 يخضعون للاستجواب لدى شرطة اسطنبول، وتؤكد الأوساط الإعلامية أن استهدافهم يأتي على خلفية كشف فضائح الفساد التي تطول نظام أردوغان وحكومة حزب العدالة والتنمية.
في حين لم يكن الاقتصاد بأفضل حال بعدما ارتفع معدل البطالة في تركيا إلى 5ر10 بالمئة في أيلول الماضي مسجلا بذلك أعلى مستوى له منذ شباط عام 2011 بحسب ما أعلن معهد الإحصاء التركي.
الى ذلك طالب حزب الشعب الجمهوري التركي بسجن رئيس نظام حزب العدالة والتنمية رجب طيب أردوغان بتهمة دعم وايواء التنظيمات الإرهابية في تركيا.
وانتقد محرم انجا نائب رئيس الكتلة البرلمانية لحزب الشعب الجمهوري في تصريح لصحيفة سوزجو التركية بشدة العملية التي شنتها حكومة حزب العدالة والتنمية امس ضد الوسائل الاعلامية التركية تحت ذريعة معارضتها لهذه الحكومة.
هذا وقد اعتدت شرطة نظام رجب طيب اردوغان على خيم عزاء اقيمت في انقرة واضنة وغازي عنتاب بوفاة عضو الحزب الشيوعي التركي سيبل بولوت التي قضت جراء مواجهات مع تنظيم «داعش» الإرهابي بمدينة عين العرب السورية كما اعتقلت 26 شخصا من المعزين.
ولم يجد رئيس النظام التركي رجب طيب اردوغان الغارق في ملفات فساد وقضايا تتعلق بالاستبداد أي حرج في الرد على انتقاد الاتحاد الاوروبي لحملة الاعتقالات التي قامت بها شرطة حكومة حزب العدالة والتنمية وطالت عددا من الصحفيين قائلا: انه يجب على بروكسل ان تهتم بشؤونها.