وكانت التنظيمات الإرهابية على مختلف أشكالها وتسمياتها أبرز أدواتها، واليوم تكاد لا تمر لحظة إلا ويتحدث فيها الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن النفط السوري، وعن محبته للنفط، وعن الإجراءات التي اتخذها لضمان الاستمرار بسرقة هذا النفط، وهذا بحد ذاته يعتبر بلطجة وقرصنة دولية موصوفة، ويشير في الوقت ذاته إلى أن الهدف الرئيس من وراء دعمه اللامحدود للإرهابيين، واحتلاله جزءاً من الأراضي السورية هو السرقة والنهب في المقام الأول، خاصة أنه سرعان ما تخلى عن أدواته وعملائه الذين ادعى حمايتهم من تنظيم داعش، وتحالف معهم لمحاربة ذاك التنظيم، علماً أن الإدارة الأميركية هي من أوجدت التنظيم الإرهابي لتصل في النهاية إلى مآربها في سرقة ثروات السوريين ومقدراتهم.
نظام أردوغان لم يكتف أيضاً بعمليات القتل الممنهجة، والسرقة واللصوصية التي امتهنها، فلا تزال عينه ترنو نحو سرقة المزيد من الأراضي، بعد أن توهم بأن احتلاله سيدوم طويلاً، ولا يزال يهدد بتوسيع عدوانه، ويدعي بأن كل الإرهابيين الذين امتطى سرجهم هم «أصحاب الأرض الحقيقيون» ولا غرابة بهذا التوصيف التركي، ما دام إرهابيو «داعش والنصرة وأحرار الشام وحراس الدين» وغيرهم هم الأقرب إلى قلب أردوغان من الجيش التركي نفسه، كما لم يعد مستغرباً أن تحابي الهيئات الأممية العدوان التركي، طالما أنه موجه ضد أراضي الدولة السورية، حيث رفضت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية التحقيق في استخدام قوات أردوغان الغازية للفوسفور الأبيض ضد المدنيين في عدوانها الأخير في منطقة الجزيرة السورية، تماماً كما رفضت في السابق توجيه أي اتهام للتنظيمات الإرهابية عندما استخدمت الأسلحة الكيميائية في أكثر من منطقة، وهذا يلخص ماهية الأدوار المنوطة بكل طرف في منظومة العدوان.
الجيش العربي السوري يواصل اليوم تقدمه ويوسع نطاق انتشاره في منطقة الجزيرة السورية، لحماية الأهالي، وصد أي عدوان تركي محتمل، وهذا لن يشغله في طبيعة الحال عن ادلب، التي تبقى مسألة تحريرها من إرهابيي أردوغان على رأس أولويات الدولة السورية، والمجرم أردوغان يدرك هذا الأمر جيداً، ولا يستبعد أنه أوعز الأوامر لإرهابيي «الخوذ البيضاء» بالتحضير لاستفزاز كيميائي جديد، والخارجية الروسية حذرت من وقوع مثل هذا الاستفزاز، بالتوازي مع تخصيص الولايات المتحدة مؤخراً مبلغ 4.5 ملايين دولار لدعم المنظمة الإرهابية، وهذا يدل أيضاً على استمرار التنسيق والتعاون بين شركي الإرهاب الأميركي والتركي من أجل تسعير الحرب مجدداً، بهدف إطالة أمد الأزمة، ومحاولة منع الجيش العربي السوري من تحرير المحافظة، تحت ذريعة الورقة الإنسانية.
الدولة السورية، ورغم كل التحديات والتهديدات الحاصلة، تسير بخطاً ثابتة على مسار مكافحة الإرهاب، والمسار السياسي في آن واحد، ويبدو أن اجتماعات لجنة مناقشة الدستور تسير حتى الآن بشكل جيد رغم الصعوبات التي يضعها الطرف الآخر، والذي اتضح أن الكثير من أعضائه لم يقرؤوا أساساً دستور 2012 لأن الكثير من المطالبات التي طالبوا بها موجودة في دستور 2012، وقد يكون إقرار ورقة مدونة السلوك والإجراءات التي تحكم عمل اللجنة المصغرة والموسعة خلال الاجتماعات، والاتفاق على بدء اللجنة المصغرة عملها يوم غدٍ ولمدة أسبوع، خطوة تمهد الأرضية المناسبة لاستمرار اللجنة في عملها، وبحال تم الاتفاق على كل مخرجاتها لاحقاً تكون خطوة رئيسية نحو الولوج في الحل السياسي.