حتى لو كذب الباقي الخليجي الخبر وقالوا كنا على حذر وصرخنا في وجه أردوغان ..لا للعدوان على سورية.. فهذا ليس حباً بالسوريين بل هو كره الوهابيين للإخوان وما صنع حداد الإسلام السياسي من اصطفافات بعد الانشقاقات في الخليج !!
سورية بموقعها وأزمتها ومقاومتها.. مرآة سياسية تعكس حال المنطقة والعالم.. وعلى حدود وجعها تمزقت الأقنعة وظهرت الوجوه والأدوار الإقليمية والدولية على حقيقتها بدءاً من حفلة التنكر التي دعا إليها عرابو الربيع العربي حتى اليوم، إذ يشهد العالم ظهور التعددية القطبية من رحم الحرب على سورية..
فواشنطن لم تعد تجيد التنقل بحرية على خرائط الشرق الأوسط الجديد... وإذا كان جديد الاستراتيجية ما يحصل في العراق ولبنان، فتبينوا أن في الانتصار على الإرهاب في سورية ما أجبر الغرب ومن معه بقيادة واشنطن على الانزياح الجزئي لمحاصرة محور المقاومة في الدول الممانعة.. تحت الغطاء نفسه (المطالب الشعبية)..
على الأشقاء في لبنان والعراق التقاط المشهد بذكاء الخبرة والاحتياط من اختطاف (الثورة الحقيقية) وتبديلها بشبيه مسبق الصنع في غرف الاستخبارات العالمية..
وإلا لماذا لم يخرج بيان غربي أو حتى عربي يحذر من تسلل داعش إلى الاحتجاجات في العراق... وقد صدعوا رؤوسنا من بيانات النفاق والتخوف من عودة التنظيم إلى سورية في حال انسحاب ترامب؟.. فرقد الأخير فوق حقول النفط السورية ولا نعرف إن كان الرئيس الأميركي يخطط (لحماية الآبار العراقية) أيضاً بعد نضوج المشهد هناك!...
ترامب يجمع النقدية ولا يضيع فرصة للصفقة حتى لو كان مع خليفة البغدادي، لذلك لم يفهم جو بايدن رؤية الرئيس الأميركي بل اتهمه بأنه قلب المشهد رأساً على عقب في سورية..
ترامب لم يقلب المشهد بل انقلبت رؤية واشنطن بعينيه من السياسة إلى التجارة، ولكن للميدان حسابات تفاجئ الجميع، وخاصة إن قتل أردوغان أحد الرعايا الأميركيين بالخطأ أو بالصواب، أو حتى إذا لمس السلطان بأن المنطقة الآمنة باتت تتهور به لدرجة الصدام مع الجيش العربي السوري...
دمشق لم تهادن يوماً على سيادة سورية ميدانياً ولا سياسياً، فهي سترد سلطان الإخوان إلى حده حول اتفاق أضنه... أما في جنيف فلجنة مناقشة الدستور هي في حدود المهمة... والمهمة فقط.. ونتمنى أن تتحول هذه اللجنة إلى حالة حضارية وديمقراطية... نحتاجها...
نحن في سورية بحاجة إلى معارضة وطنية حقيقية.. وليس تنسيقيات ومجموعات مسلحة! واللافت أنه في الثورات المجاورة لم تبرز التنسيقيات المعارضة بعد في العراق ولا لبنان، فاللعبة تبقى في الشارع.. يبدو أن تصنيع المعارضات بات مكلفاً وترامب لا يريد أن يدفع... أو حتى عينه على من يرغب بالدفع.. فأميركا أولاً..