كماعملت في سورية التي غزتها كقوة احتلالية وعبرت على جسور إرهابييها لتتضح تلك الحقيقة بعد سلسلة الأكاذيب والمراوغات التي تصدرها إداراتها المتعاقبة.
وما يحصل في الوقت الراهن في المشهد السوري عبر الممارسات الدنيئة التي تمتهنها واشنطن سواء تلك التي تقوم على القتل وسفك الدماء، أم سرقة المقدرات والثروات النفطية، وبالتالي هذا ما يبحث عنه الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي يهوى سلوك تلك الطرق لتحقيق أطماعه في المنطقة عبر نهب وسرقة مقدرات الشعوب، وبالتالي تبقى الأجندات الأميركية على ذات المنوال، وفي العلن والخفاء يبقى القرار واحد والتصويب واحد والهدف ذاته.
ترامب ذكر مراراً بأنه سيبقي على عدد من جنود من قواته المحتلة في الجزيرة السورية تحت مزاعم حماية آبار النفط، وهو بالتالي أعاد صياغة أطماعه ووجد لغرائز النهم والجشع الاستعماري التي تسيطر عليه سبلاً إضافية وطرقاً ملتوية يلتف بها على قراراته الملغومة والتي تدور حول محور الأكاذيب بكل اتجاهاته.
من هنا نجد أن الولايات المتحدة الأميركية وبعد قرار انسحابها الملغوم من شرق سورية نجدها تعيد خلط أوراق اللعبة مجدداً شمال سورية وفي الجزيرة السورية، بإعادة إرسال تعزيزات من قواتها الاحتلالية إلى قواعد كانت انسحبت منها قبل وأثناء العدوان العسكري لجيش النظام التركي وإرهابييه تحت مزاعم مختلفة.
ففي الحسكة، انطلقت تعزيزات لقوات الاحتلال الأميركي مؤلفة من عشرات الآليات من منطقة قصرك شمالي غرب الحسكة، متجهة نحو تل تمر ثم سلكت الطريق الدولي (أم 4)، قاصدة قاعدة صرين قرب عين العرب، التي سبق أن أخلتها القوات الأميركية قبل نحو أسبوعين. وتزامن ذلك مع تسيير دورية عسكرية لقوات الاحتلال الأميركية بين الرميلان والقحطانية شرقي مدينة القامشلي.
وفي وقت سابق ذكرت مصادر مطلعة، أن أكثر من 500 جندي تابع للاحتلال الأميركي ومعدات عسكرية ولوجستية وصلت إلى قاعدة قصرك الواقعة على طريق أم 4 بين تل تمر وتل بيدر، لافتاً إلى أن مطار قاعدة صرين يشهد حركة هبوط طائرات أميركية وإفراغ لطائرات شحن، بالإضافة إلى وجود آليات ومعدات لوجستية وعسكرية أميركية فيها.
إذاً ذلك الحراك الأميركي المشبوه يفضح حقيقة المساعي الأميركية للبقاء الاحتلالي ويدحض مزاعم انسحابها الذي على ما يبدو أنها أعادت تدويره مجدداً وفقاً لمصالحها وأطماعها، فهي ليست المرة الأولى الذي تزعم به واشنطن انسحابها من الأراضي السورية، فالمشهد الكاذب يتكرر.
في كانون الثاني 2018 قررت واشنطن سحب قواتها المحتلة من سورية بعد أن زعمت قضاءها الكامل على تنظيم (داعش) الإرهابي، لكن سرعان ما تراجعت عن قراراها بعد مماطلة طويلة في التطبيق.
ذلك التراجع أظهر نوعين من الدجل الأميركي أولهما قائم على مزاعمها الكاذبة وازدواجية قراراتها ومراوغتها في التعاطي مع المشهد السوري، والثاني يفضح أكاذيب تواجدها للقضاء على تنظيم داعش.
محللون يرون بأن هذه الخطوة تأتي ضمن استمرار تناقض وتقلب المواقف الأميركية، ولا سيما لدى الرئيس الأميركي بما يخص الملف السوري عموماً، وتحديداً في ما يرتبط بمسألة انسحاب قواته المحتلة أو بقائها.
وإلى جانب تلك الأطماع هناك رسالة يريد ترامب توجيهها للداخل الأميركي من خلال تعزيز قواته المحتلة في سورية، ولا سيما أنه يمر بمرحلة صعبة بمواجهة تحركات قوية ومن مستويات عليا لعزله، وهو يحاول تصدير نفسه قوياً داخل المشهد الأميركي مجدداً.