وارخت بالتوازي بظلالها السوداء على الاسرة بأكملها التي باتت تخشى ارسال أبنائها الى المدرسة بسبب الظروف الصعبة والعصيبة التي يمر بها الوطن منذ نحو ست سنوات.
تبديد مخاوف التلميذ
وحالة القلق والتوتر التي تصيب التلميذ يجب أن تلقى صداها عند الاهل الذين يتوجب عليهم العمل على احتواء هذه الحالة واستيعابها ومراعاة وتفهم حالة الخوف والقلق التي تعتري أبناءهم قبيل بدء العام الدراسي من خلال بث مشاعر الحب والطمأنينة في نفوسهم ومساعدتهم على استعادة الثقة والرغبة في العودة إلى المدرسة، عبر إفهامهم أن كل ما جرى وسيجري ليس إلا حالة طارئة ومؤقتة ستنتهي بإذن الله وستعود الأمور في القريب العاجل جدا إلى أحسن حالها، مع الانتباه الى ضرورة ربط الأهل بأن عودة الأمور الى حالها مشروط بإصرارهم على حب الحياة والوطن والأسرة ومواظبتهم على الدراسة وإكمال المسيرة التي بدأها آباؤهم وأجدادهم بالدفاع عن الوطن وصون ترابه وأرضه وسيادته، لان من شأن ذلك أن يقوي من عزيمتهم ويعزز الثقة بداخلهم، كما يعتبر الحديث عن المدرسة بشكل ايجابي من الأمور التي تساعد في تخفيف القلق والتوتر عند التلميذ، وذلك من خلال ترغيبه وتحبيبه وتشجيعه على الذهاب إلى مدرسته وإظهارها بالمظهر الإيجابي وتحسين صورتها أمام الطفل، وغرس حبها في نفسه عبر ذكر كل الأمور الايجابية الموجودة فيها من تعلم القراءة والكتابة والتعارف على أصدقاء جدد يشاركهم الدرس واللعب والمرح ، كما يجب بالمقابل تجنب عدم ذكر أي من الأمور التي تخيف الطفل وتنفره منها، كما يجب على الأهل عدم نسيان تعويد الطفل قبيل بدء العام الدراسي بعدة أيام على النوم باكرا لأخذ القدر الكافي من الراحة استعدادا ليوم دراسي مليء بالحيوية والنشاط والتفاعل لأن عدم كفاية النوم تؤدي إلى تكدر مزاج الطفل، وبالتالي قد يحجم عن الذهاب إلى المدرسة، وكذلك تعويد الطفل على تناول وجبة الإفطار لما لها من اثر ايجابي على صحة ونفسية التلميذ .
اليوم الدراسي الأول مهم
ويؤكد الكثير من الباحثين التربويين أن اليوم الأول في العام الدراسي هو من الأيام الهامة والمميزة عند التلاميذ بشكل عام، لما له من انعكاسات ايجابية أو سلبية على نفسية التلميذ وسلوكه المدرسي والاجتماعي، وهو الأمر الذي يوجب على الأهل إرسال أبنائهم إلى المدرسة في اليوم الأول من العام الدراسي لكونه يشكل حدا فاصلا بين عطلة طويلة مليئة باللعب واللهو والاستجمام وأحيانا مليئة بالخمول والكسل، وبين مرحلة جديدة من الانتظام والجد والنشاط الدراسي والعمل الدؤوب، وهذا ما يفرض بالتوازي على إدارة المدرسة وخاصة المعلم الانتباه لأهمية هذا اليوم ومواكبة تداعياته وأثاره على نفسية الطالب والقيام بعدة خطوات وإجراءات وأمور هامة وضرورية خلال اليوم الأول من العام الدراسي بدءا من الاحتفاء بالتلاميذ والترحيب بهم وليس انتهاء بتشجيعهم على الحضور والدراسة والمواظبة والمثابرة، مع ملاحظة ألا يكون المعلم خلال الأيام الأولى من العام الدراسي جامدا وجادا وحادا بشكل مفرط وغير مقبول مع تلاميذه حتى لايخلق حالة من النفور والكره بداخلهم تؤثر عليهم بشكل سلبي خلال العام الدراسي كله، ذلك أن كثيرا من الطلاب يكرهون المدرسة والدراسة بسبب كرههم لمعلمهم أو معلمتهم .
دور المعلم
ومن هنا يبرز دور المعلم في تقبل التلميذ للمدرسة وانجذابه لها أو نفوره منها، وذلك يعتمد على أسلوب وطريقة وتعامل المعلم مع تلاميذه واستقباله لهم منذ اليوم الأول للعام الدراسي، ويكون ذلك من خلال قيام المعلم بعدة أمور وخطوات ضرورية ولعل أهمها وأبرزها أن يعامل المعلم تلاميذه كما يعامل أبناءه بكل احترام ومحبة وعطف وحنان، مع الانتباه إلى عدم معاملة المعلم لتلاميذه بشكل فظ وحاد حتى لا يخيفهم أو ينفرهم من المدرسة وخاصة تلاميذ الصف الأول الابتدائي، كما يتوجب على المعلم أن يكون القدوة الحسنة قولا وفعلا لتلاميذه ، كما يتوجب عليه تعزيز الطموح والثقة في نفوس تلاميذه وان يشحذ الهمم ويعزّز الأمل بالتفوق ويبث التفاؤل في الغد، ويزيل عنهم الخوف الذي قد يكون عند بعضهم، كما يجب أن يركز المعلم على القيم الأخلاقية والوطنية التي يجب أن يتحلّى بها التلاميذ،
على ذات الضفة فإنه يتوجب على إدارة المدرسة القيام بعدة خطوات جاذبة للتلاميذ وذلك عبر توفير بيئة نفسية واجتماعية مريحة لهم، وتهيئة فصول دراسية مناسبة صحيا وتربويا لجهة الهدوء والنظافة والإضاءة والتهوية واللعب والمرح.
إن اضطلاع الاسرة المعلم والمدرسة كل بدوره يؤدي في نهاية المطاف إلى إضفاء الشعور بالراحة والأمن والأمان عند التلميذ ومن ثم خلق اتجاه نفسي إيجابي عنده نحو المدرسة يعزز حبها ويساعد في تسهيل عملية انتقاله من محيط الأسرة الذي ألفه إلى بيئة المدرسة تدريجياً في جو آمن يبدد الخوف ويحل محله شعور الآلفة والطمأنينة مع عناصر مجتمعه الجديد من تلاميذ ومعلمين وإداريين.