تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الأمم المتحدة ودورها السلبي في سورية

متابعات سياسية
الأربعاء 7-9-2016
عبد الحليم سعود

منذ بدء الأزمة المفتعلة في سورية عام 2011 وافتضاح تفاصيل وأبعاد وأهداف الحرب العدوانية الارهابية التي تشن ضدها بشقيها الاقليمي والدولي،

لعبت الأمم المتحدة دورا سلبياً يتعارض مع ميثاقها ومبادئها المبنية على حفظ الأمن والسلم الدوليين، واقتصر دورها في كثير من الأحيان على مشاهدة المآسي والمجازر التي تحدث ضد السوريين، والقيام بالتحريض على العنف والقتل والإرهاب في أحيان أخرى.‏

وانبرى موظفوها لتدبيج وتزوير وتزييف التقارير والوقائع واجتزاء مشاهد الحرب والخراب والوضع الانساني العام في سورية لغايات مشبوهة، تارة لخدمة أهداف وأجندات الدول المتورطة في الحرب على الشعب السوري، وتارة بهدف الضغط على القيادة السورية لتقديم التنازلات لصالح الارهاب والارهابيين ومن يقف خلفهم والاستسلام لشروطهم المذلة.‏

وبدل أن تقوم الأمم المتحدة بالدور الحيادي والايجابي المطلوب منها على صعيد وقف الحرب والتقليل من آثارها الكارثية على المجتمع السوري وبنيته التحتية، والضغط على الجهات والدول الممولة والداعمة للإرهابيين كي تتوقف عن سلوكها وممارساتها العدوانية المنافية لميثاق الأمم المتحدة، والقيام بواجباتها تجاه دعم ومساعدة الحكومة السورية لمعالجة المشكلات التي تواجهها جراء الحرب وتبعاتها المختلفة، رأيناها في كثير من المناسبات ـ وللأسف الشديد ـ تقف في صف الإرهابيين وتحرص على إظهارهم بمظهر الضحية التي لا حول لها ولا قوة، في الوقت الذي لم يقصر فيه هؤلاء بارتكاب كل ما يمكن وصفه بجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، من حصار وتجويع للمدنيين وقصف للمناطق السكنية الآمنة بمختلف القذائف والصواريخ والذخائر المتفجرة، إضافة إلى استخدام الغازات السامة والمحرمة دولياً، وتدمير للبنية التحتية وتخريب للمدارس والمشافي والمنشآت الخدمية، والاعتداء على محطات الكهرباء والمياه والطرق والسكك الجديدة، إلى جانب سرقة النفط والمصانع والممتلكات الخاصة والعامة وحرق المحاصيل الزراعية، وتدمير الحضارة السورية وتهريب الكنوز التاريخية والأثرية إلى خارج الوطن.‏

كل هذه الممارسات الاجرامية التي ارتكبتها التنظيمات الارهابية على مدى أكثر من خمس سنوات في سورية تم التغطية عليها أممياً وتم تغييب أكثرها عن تقارير الأمم المتحدة، لتحضر مكانها قصص مركبة وروايات مزيفة ومفبركة حول الوضع الانساني في بعض المناطق الساخنة كداريا والمعضمية ومضايا وغيرها، وبما يتناسب مع أهداف الحرب الاعلامية الشرسة ضد الدولة السورية، ليتبين للقاصي والداني بعض إجراء التسوية في داريا مؤخراً أن كل ما بنيت عليه تقارير الأمم المتحدة حول عدد المحاصرين في داريا وأوضاعهم الانسانية كان من خيال كتاب التقارير وبنات أفكار النشطاء الحقوقيين المزعومين الذين لم يكونوا سوى إرهابيين تكفيريين على شاكلة من ارتكبوا جريمة ذبح الطفل الفلسطيني عبد الله وتاجروا بمعاناة الطفل الحلبي عمران بحثاً عن جوائز دولية.‏

فالخمسون ألف محاصر في داريا الذين تحدثت عنهم التقارير الأمميّة لم يتجاوزوا الألفين بقليل، والمفاجأة أن غالبيتهم كانت من المسلحين المتطرفين الذين رفضوا المصالحة مع دولتهم وأصرّوا على متابعة طريق الارهاب والاجرام والتوجه إلى مدينة إدلب حيث تقبع جبهة النصرة الارهابية وباقي الفصائل المسلحة الأكثر تطرفاً وإجراماً، في حين اختار أغلب المدنيين العودة إلى حماية الدولة المتهمة أمميا بمحاصرتهم..!‏

والأغرب من كل ذلك، أن الأمم المتحدة وقفت موقفا سلبيا من تسوية داريا التي قضت بتفريغ المدينة من الارهاب ونقل المدنيين ممن كانوا يستخدمون كدروع بشرية إلى أماكن إيواء تابعة للحكومة السورية تتوفر فيها كل الشروط الصحية، وكأن المطلوب أمميا أن تبقى الحرب والمعاناة مستمرة وأن لا يتصالح السوريون ويهتدوا لحل أزمتهم بعيداً عن التدخل الخارجي.‏

نفاق الأمم المتحدة ظهر جلياً من خلال تجاهلها لحصار مدينة دير الزور من قبل تنظيم داعش، وكذلك الحصار الوحشي المفروض على بلدتي الفوعة وكفريا من قبل نفس التنظيمات الارهابية التي تغطيها وتدعمها الولايات المتحدة وحلفاؤها وأدواتها في المنطقة، وقد سبق للأمم المتحدة أن تجاهلت محنة ومعاناة أهالي مدينة حلب مع الارهاب لمدة أربع سنوات تقريبا ولم تقدم لهم شيئاً سوى مشاعر القلق السخيفة، وعندما استطاعت الدولة السورية فك الحصار عن مدينة حلب وشلّت حركة الإرهابيين في الأحياء الشرقية، وأصدرت عفواً عاماً عمن ينوون تسليم السلاح، حضرت الأمم المتحدة مجدداً بتقاريرها المفبركة حول معاناة المدنيين في الأحياء الشرقية التي كانت مصدر القذائف والإرهاب والموت على المدينة وأهلها، وكأن المطلوب أممياً أن تطلق يد الارهاب في حلب وباقي المناطق لحين استكمال تدمير سورية وقتل وتهجير شعبها .‏

يدرك السوريون جيدا أن المنظمة الأممية مخترقة من القوى الكبرى التي تدعم الارهاب في سورية وبعيدة كل البعد عن دورها، ولذلك تأتي تقاريرها مسيسة وبعيدة عن المهنية لخدمة أطراف وجهات معينة لا مصلحة لها بالحل في سورية، ما يجعلهم غير مبالين بما يصدر عنها من تقارير وتوصيات، ولو كانت تحس بمعاناتهم لعملت ما بوسعها لوقف الحرب وتنفيذ قراراتها الداعية لتجفيف منابع الارهاب، وهذا وحده كفيل بعودة سورية إلى سابق عهدها من الأمن والاستقرار والتنمية والازدهار حيث لاأزمات ولا معاناة ولا إرهاب.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية