بعدم قدرتهم على القيام بالعمليات الزراعية في سهل عكار حسب مواعيدها وتلف المحاصيل بسبب الغرق, فقد تم تشكيل فريق عمل بقرار من السيد وزير الزراعة من الجهات المعنية لدراسة الوضع الراهن للسهل واقتراح الزراعات والمشاريع التي يمكن أن تقام عليه وتنميته زراعياً ودراسة الجدوى الفنية والاقتصادية للبدائل المطروحة.
وقد درس الفريق المذكور واقع السهل وتعرف على مشكلاته من خلال زيارته ميدانياً وأيضاً من الدراستين الأوليتين المقدمتين من مصلحتي الاقتصاد الزراعي والاستثمار في مديريتي زراعة طرطوس وحمص اضافة الى مذكرة وزارة الري بهذا الخصوص.
وخرج الفريق بدراسة للواقع الراهن لهذا السهل تناولت مختلف النواحي الجغرافية والبشرية والإنتاجية الخ.
وتهدف الدراسة إلى استعراض امكانيات السهل التنموية المتاحة وعرض المشكلات التي تعيق الإنتاج الزراعي أو تحد من حجمه ثم وضع المقترحات الخاصة وبطرق وأساليب تطوير واحدة من أهم مناطق العمل الزراعي في سورية.
وتتلخص مشكلات وصعوبات السهل في انتشار الغرق في بعض أراضي قرى سهل عكار بسبب طبيعة الأرض الطينية الثقيلة وكثرة الأمطار الهاطلة وعدم استثمار مياه الآبار الجوفية وعدم استخدام أغلب الآبار بسبب وجود شبكات أقنية الري في قسم من تلك القرى, ما أدى إلى ارتفاع منسوب المياه, إضافة إلى وجود الرياح الشديدة الشرقية والغربية في المنطقة, واعتماد مزارعي السهل على نمط واحد من الزراعات دون التجديد في الأصناف النباتية وعدم اتباع الدورات الزراعية المناسبة, وعدم تمكن المزارعين من استخدام أساليب الري الحديثة, بالإضافة إلى وجود مجموعة من الصعوبات العامة التي يعاني منها السهل والنشاط الزراعي بشكل عام في معظم المناطق الزراعية وهي:
عدم تنظيم التسويق الداخلي والخارجي والحلقات الوسيطة في عمليات التسويق ما يؤثر سلباً على الدخل المزرعي ولا سيما للحاصلات الزراعية (خضار -فواكه) والإنتاج الحيواني وعائداتها, إضافة إلى تفتيت الحيازات الزراعية ما يؤثر سلباً على المردود والتكاليف, ارتفاع أسعار الأسمدة والمبيدات ومستلزمات الإنتاج الأخرى وأسعار المواد العلفية.
وقد تم وضع مقترحات فورية وهي اجراءات مطلوبة من وزارة الري, ومديرية الري العامة حوض الساحل, وتتمثل في زيادة السعة التصريفية للأنهار بالاستمرار بتعزيلها وإزالة الأعشاب والنباتات والأشجار النامية فيها بشكل دوري والاسراع بتنظيم مجاريها لتحسين أعمال الصرف للأراضي المجاورة لها.
تكثيف العمل في مجال تعزيل المصارف الرئيسية والثانوية والفرعية الموجودة في منطقة السهل واستكمال المصارف الحقلية في المواقع اللازمة, تعزيل السواقي القديمة في مناطق السهل.
السماح بشكل خاص لمزارعي سهل عكار بترخيص واستثمار مياه الآبار كون عدم استخدامها يفاقم المشكلة الموجودة في السهل على ألا يشكل هذا الاجراء أي ضرر أو خطورة نتيجة الاستنزاف الجائر وغير المدروس الذي يخلق ظروفاً ملائمة لغزو مياه البحر, واتخاذ الاجراءات اللازمة لمعالجة واقع الأراضي الغرق المشار إليها.
وهناك مقترحات أخرى للاستثمار الزراعي في سهل عكار وهي اجراءات لوزارة الزراعة تتعلق باستمرار الهيئة العامة للبحوث الزراعية بإجراء تجارب التشبع المائي ومراقبة الغرق في قرى السهل ورفع تقارير دورية عنها لمعالجتها.
ادخال المحاصيل العلفية في الدورة الزراعية لتشجيع وتنمية وتربية الثروة الحيوانية في السهل, إضافة إلى زيادة المساحات المخصصة للتبغ في الأراضي ذات الصرف الجيد والمناسبة لزراعته, والتوسع بزراعة الفول السوداني وتأمين الأصناف ذات الإنتاجية العالية نظراً لتردي إنتاجية الأصناف الشائعة في السهل حالياً.
تشجيع زراعة النباتات الطبية والعطرية والحمضيات, واستخدام الدورة الزراعية المناسبة وتشجيع الدورة الثلاثية للأراضي ذات المساحات الكبيرة والدورة الثنائية للأراضي ذات المساحات المتوسطة والصغيرة مع الأخذ بعين الاعتبار نوع التربة.
إضافة إلى ادخال أراضي السهل في خطط مشاريع (التشجير المثمر, الساحلية والوسطى, الشهيد علي العلي) لاستصلاح ونقب الأراضي التي يوجد فيها صخور وحجارة وطبقات صماء.
كما يقع على وزارة الري والمؤسسات التابعة اجراءات تتمثل في: تحديث وصيانة شبكات الري والصرف القائمة, ايصال شبكات الري إلى المواقع غير المشمولة بالري من السدود إذا كان ذلك ممكناً.
إضافة إلى دراسة امكانية استجرار جزء من المياه الفائضة في السهل إلى مواقع أخرى وفقاً لاحتياج هذه المواقع في ضوء الموازنة المائية التي تتم دراستها حالياً:
وإعادة النظر في رسوم الري وفق المقننات المحددة لكل محصول (حقلي أو مشجر) بالإضافة إلى المقترحات العامة الواجب اتخاذها في سهل عكار والقطاع الزراعي بشكل عام والتي من أهمها:
ايجاد سياسة تسويقية تتلاءم مع فترات الإنتاج للمحاصيل الزراعية وعمليات التصدير والاستيراد لتحقيق المنفعة للمزارعين بشكل عام ودراسة امكانية تجميع الحيازات الزراعية ما يساعد على زيادة المردود وتخفيض التكاليف, ودراسة امكانية تخفيض أسعار الأسمدة والمبيدات ومستلزمات الإنتاج الأخرى وأسعار المواد العلفية.
كما أن هناك مشكلات يعاني منها السهل وهي التلوث الناتج عن الصرف الصحي ومعاصر الزيتون التي تصب مخلفاتها في نهر الأبرش والسواقي ومجاري المياه الموجودة في السهل.
إضافة إلى المنشآت الصناعية, ومواقع أخرى للمستنقعات والمياه الراكدة نتيجة سوء الصرف واستخدامات الأسمدة الكيماوية بشكل عشوائي ما أثر على التربة, والتعامل مع المخلفات الزراعية بطريقة عشوائية, واشكال التلوث من روائح وأبخرة وغازات.
وطالبت الدراسة باتخاذ اجراءات للحد من التلوث يقع جزء منها على وزارة الزراعة وجزء أخر على الوزارة الأخرى وتتلخص في ضرورة العمل على تكثيف تثقيف وتوعية المواطنين في السهل من أجل المحافظة على البيئة.
وذلك عن طريق الندوات الارشادية بالتنسيق مع وزارة الإدارة المحلية والبيئة والتركيز على التعامل مع الأسمدة العضوية والكيميائية بطريقة علمية صحيحة للحد من تلوث التربة وذلك باستخدام المعادلات السمادية الخاصة بكل محصول بعد تحليل عينات التربة, إضافة إلى عدم السماح بنقل التربة الزراعية نهائىاً من أراضي السهل إلى اماكن أخرى بالتنسيق مع وزارة الإدارة المحلية والبيئة.
أما الاجراءات المطلوبة من الوزارات الأخرى تتمثل في: تكليف وزارة الإدارة المحلية والبيئة بالعمل على توفير وإيجاد مكان ملائم ومناسب ومدروس فنياً وعلمياً لوضع القمامة فيها بعيداً عن التجمعات السكانية ومجاري الأنهار والأراضي الزراعية المستثمرة والتفكير بمعالجة هذه القمامة وتصنيعها والاستفادة منها في مجالات أخرى.
وتكليف وزارة الاسكان والمرافق بتنفيذ مشروعات الصرف الصحي وإقامة وحدات المعالجة اللازمة لمعالجة مشكلات المياه المالحة في التجمعات السكانية.
وتكليف وزارة الصناعة بإلزام أصحاب معاصر الزيتون بفتح حفر تجميع ذات مواصفات فنية مناسبة لمخلفاتها وابعادها عن مصادر المياه وخاصة مياه الشرب.
إضافة إلى تكليف الصناعة بالعمل إذا دعت الضرورة على اغلاق المعامل والمصانع إذا كانت مخلفاتها تؤثر بشكل كبير على البيئة أو الزامها بإدخال التقنية الحديثة والتكنولوجية إليها واستخدام الطرق العلمية في معالجة مخلفاتها للحد من آثارها الملوثة للبيئة, وتكليف وزارة الإدارة المحلية والبيئة بتنفيذ حفر فنية مناسبة لوضع مخلفات المداجن والعمل على طمرها وتغطيتها بالوسائل الملائمة للحد من روائحها وآثارها السلبية على البيئة, والعمل على ترحيل المجابل والكسارات من منطقة السهل.
وقد تم رفع هذه الدراسة إلى مجلس الوزراء وناقشتها اللجنة الاقتصادية وتمت الموافقة عليها ومن ثم كلفت وزارة الزراعة والشؤون الاجتماعية والعمل وهيئة تخطيط الدولة بإعداد وثيقة مشروع وطني لتنمية سهل عكار,وتوجيه هيئة تخطيط الدولة بعرض المشاريع الاستثمارية المقترحة على الجهات المانحة لتأمين التمويل اللازم لها.
وبناء على كتاب مجلس الوزراء القاضي بإعداد وثيقة مشروع وطني لتنمية منطقة سهل عكار شكلت وزارة الزراعة لجنة لإعداد هذه الوثيقة وتتضمن كلا من المهندس محمد زين الدين مدير الاقتصاد الزراعي والاستثمار رئىساً لها, ورحاب شيخ ابراهيم مستشارة وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل, والدكتور سعيد زاهر و د. جمعة حجازي خبيرين من هيئة تخطيط الدولة وجميعهم أعضاء في اللجنة.