تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


أميركا هي أميركا

الصفحة الأخيرة
الاحد 14/8/2005م
عبد النبي حجازي

ليس صحيحاً ما يزعمه الرئيس دبليو بوش أن قراراته إلهام من الله, ولا ما يوصف به مع طاقمه الرئاسي (الذين هم مديرون أو مستشارون في شركات كبرى..) إنهم من المحافظين الجدد أو من شهود (يهوه) ولا زلة لسانه عن الحرب الصليبية التي اعتذر عنها, ولا العلاقة بإسرائيل.. لأن كل هذه المزاعم وهذه التحليلات مبنية على عقيدة دينية.

وليس صحيحاً أن إسرائيل تستغل أميركا وأن اللوبي الصهيوني يسيطر على القرار الأميركي, لأن أميركا أكثر خبثاً من إسرائيل وإليكم هذين الدليلين:‏

الأول: وزير يهودي وحيد في الحكومة البريطانية قدم مذكرة مطولة للحكومة يعترض بها على وعد بلفور خلاصتها: (ارحموا اليهود من هذه الورطة وأشفقوا عليهم من غضب العالم..).‏

الثاني: كاتب يهودي بريطاني هو اسحق دويتشر قال عن انتصار إسرائيل في الخامس من حزيران عام 1967: (إنه نصر أسوأ من هزيمة) لأن إسرائيل اختارت أن تكون مخفراً أمامياً للدول الاستعمارية.‏

وليس صحيحاً أن الدول العربية لو انحازت انحيازاً كاملاً للغرب- أميركا خصوصاً وأوروبا عموماً, وارتمت في أحضانهم, ونفذت مطالبهم -كما يفعل بعضنا بسوء نية- يحمل الغرب على بناء علاقة متينة مع العرب كالعلاقة مع إسرائيل.. رغم أن الوطن العربي يذخر بالبترول والخيرات والمواقع الاستراتيجية.. لأن الغرب بكل بساطة لا يثق بالعرب بسبب ماضي الغرب الأسود معهم- فضلاً عن الحاضر- وبسبب الشكوك في الاستقرار العربي الهش الذي يطوي في خفاياه أشكالاً من الهبات الشعبية التي تهدد المصالح الغربية والتي ماتفتأ أن تظهر هنا أو هناك بشكل مفاجىء, وقد طفقت هذه الشكوك تتأكد منذ 11 أيلول (سبتمبر) ,2002 حتى تفجيرات مدريد ولندن.‏

وهذا كفيل أن يجعل مصالح الغرب مرتبطة بوجود إسرائيل التي وضعت ودعمت لهذه الغاية. وأن يجعل إسرائيل رهينة بيد الغرب, وإسرائيل توقن تمام اليقين أن الغرب لو تخلى عنها انتهت .‏

إن أميركا لا ماضي عريقاً لها كبقية أمم العالم, وإنما هو ماض قريب بالقياس إلى تاريخ الأمم الأخرى, ومحصور في أولئك الرواد الأوائل الذين جاؤوا في البداية من أوروبا, فأبادوا السكان الأصليين -الهنود الحمر- أو كادوا.‏

وقدموا تضحيات كبيرة لتحقيق أهدافهم, واستقدموا المهاجرين من شتى أنحاء العالم واصطادوا العبيد من افريقيا.. حتى بنوا دولة غدت عظمى وهي خلائط من جميع الأعراق والألوان بيد أن المسيطرين على الحكم معظمهم -إن لم يكونوا جميعهم- من الشعوب الجرمانية والأنغلوساكسونية.‏

إن أميركا تحكمها الشركات التجارية الكبرى وقيمها محصورة في الاستثمار والتجارة وجميع علاقاتها مع شعوب العالم -بما فيها إسرائيل- تخضع لحساب الربح والخسارة, حتى السينما الأميركية في أوجها مهدت للجينز والمارلبورو والصناعة الأميركية.وهي بارعة في الاستثمار السياحي كما هي الحال في استديوهات (يونيفير سال) السينمائية في لوس انجلوس (كاليفورنيا).‏

وفي محطة CNN الشهيرة في أتلانتا (ولاية جورجيا) فيجلس الجمهور خلف حواجز زجاجية لمشاهدة تصوير نشرة الأخبار وبثها مقابل مبلغ من المال, كما تباع في المبنى الهدايا التذكارية والمأكولات السريعة والمرطبات وكذلك الأمر في استديوهات United state today في واشنطن.‏

لقد أثبتت مؤسسات الدراسات الأميركية نفسها أن المرشح للرئاسة الذي ينفق أموالاً أكثر هو الذي يفوز بالرئاسة رغم أن هذه الأموال تجمع من تبرعات المؤيدين, أما الجنرال أيزنهاور قائد قوات الحلفاء في أوروبا إبان الحرب العالمية الثانية فإنه عندما ترشح للرئاسة كانت السيارات الشاحنة المكشوفة تعرض النساء العاريات وقد كتبت على أجسادهن عبارات الدعاية, وصور المرشح للرئاسة.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية