تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


تداعيات حروب الغرب (العادلة)

عن: Common dreams
ترجمة
الأثنين 25-3-2013
ترجمة: خديجة القصاب

في سياق المحاولات المستمرة في تفسير ظاهرة الانتحار المتفشية في صفوف الجنود والمحاربين القدامى الغربيين التي تحولت الى وباء يجتاح القوات الاطلسية المنتشرة في الشرق الاوسط اليوم ظهر عامل ثالت

اضافة الى الاصابات الجسدية والاضرابات مابعد الصدمة يتمثل بالاعتلال الاخلاقي الذي يحمله هؤلاء لدى عودتهم من ارض المعركة. فخلال تدريبي كضابط في كلية ساند هورست البريطانية يقول كاتب هذا المقال جيمس جيفري - وهو كابتن سابق في قوات المملكة المتحدة خدم تسع سنوات في كليتها الملكية وشارك في حروب كوسوفو عام 2002 والعراق عام 2004 و2006 وافغانستان عام 2009 ويعمل حالياً كصحفي في الولايات المتحدة -كنت اعتقد ان القدرة القتالية للجنود وحراكهم على ارض المعركة يمكن ان يخذلهم في حال توفرت عناصر عده عنصر جسدي وأخر فكري والثالث أخلاقي. فعندما يغادر الجنود ساحة المعركة يحمل كل منهم أثار تتعلق بإحدى العناصر المذكورة سابقاً تؤثر كل منهما على قدرتهم في متابعة حياتهم الطبيعية عند عودتهم الى منازلهم ثانية لكن الذرائع التي تبرر شرعية قتل كل جندي للعدو الذي امامه لم تثمر خلال حربنا في العراق و افغانستان وقد لمست هذه الامر يتابع جيفري بعد وصولي الى اقليم هلمند الافغاني بفترة وجيزة عندما اخبرني جندي من قواتنا عن تفاصيل نصب كمين اعدته فرقته في احدى المواقع هناك فخلال اشتباكات قواتنا مع طالبان رصد الجندي المذكور فتاة صغيرة لا يتجاوز عمرها الاربع سنوات فوق احدى اسطحه مجموعة منازل افغانية ترفع سماعة هاتف خليوي الى اذنها ليخمن مقاتلنا وجود مدفع هاون في هذا المكان فسرعان ما وجه هذا الجندي نيران قذائفه الى العدو من موقعه ألحقها بقنابل عدة موجهة الى الفتاه والمبنى المتواجدة فوقه «نفذت ما يجب علي القيام به» قال هذا الجندي التابع لقواتنا.‏

اماتيموثيكودو النقيب السابق في احدى فرق المارينز البريطانية فقد كتب يقول: «لم اعد ذاك الانسان الطيب كما كنت اعتقد في الماضي اثر عودتي من مهام كلفت بها في افغانستان وتتضمن اصدار الاوامر والالتزام بها (اي قتل الاخرين).‏

ويجد الجنود الذين يذهبون في حروب الغرب وراء البحار تبريرات لأعمالهم كالقتل والتفجيرات وزرع الالغام والعبوات الناسفة قبل ان تتبدى ردود افعال لقاء ما ارتكبوه تحبط معنوياتهم فانضمامهم الى صفوف القوات المسلحة البريطانية والفرق العسكرية نتج عن اعتقادهم انهم اختاروا الجهة الصحيحة وانهم يشاركون في جهود الذين يقومون بأفعال جيدة فهل لنا ان نجد عزاء الى محدودية الضرر التي تسببها الحروب حيث ان عدد الضحايا الذين سقطوا في كل من افغانستان والعراق اقل بكثير من اولئك الذين قضوا في الحروب الاخرى كتلك التي نشبت في فيتنام في الستينيات من القرن الماضي؟‏

فعملية قتل الاطفال سواء كانوا اطفالاً من الولايات المتحدة او سواهم ومهما يكن اسم العدو لايمكن ابدا ايجاد مبرر لها هذا ما كتبه غورتا نيفاتا بعد تجربته التي خبرها عقب القاء القنابل والقذائف على مدينة درسدن الالمانية.‏

وبصرف النظر عن عدد القتلى لغاية الان فقد يشعر الجنود بالخزي جراء مواجهة عدد الضحايا الذين سقطوا على ايديهم الامر الذي يقوض زعمنا بوجود ارضية انسانية مشتركة تجمعنا وهو مفهوم لا يتلاشى بالضرورة بمجرد الالتحاق بالخدمة العسكرية. هذا ويدرك الجنود والمحاربين القدامى على حد سواء الدمار الاخلاقي الذي تلحقه الحرب بهم والذي تعرضوا له بطرق مختلفة وبالرغم من تفاوت ردود افعالهم فمن الصعب ان يتجنبوا الاحساس بالذنب والعار الامر الذي يجعلهم يشعرون بالعزلة ضمن مجتمعاتهم كما ويتحمل المحاربون القدامى اعباء اضافية خلال محاولتهم التأقلم مع حياتهم المدنية الجديدة التي تطرح امامهم تحدٍ اخلاقي خاص الم يعترف هؤلاء انهم تطوعوا بملء ارادتهم للمساهمة في اعمال وحشية وقاسية؟‏

هذا بينما تتذكر ايها المحارب كم ارتكبت من اخطاء في مواقع القتال وكم اسقطت تلك الحرب من اكاذيب سوقت لها لتستمر في تأجيج نيرانها وكيف ينظر الناس اليك في حياتك المدنية قبل ان تقيم اي علاقة صداقة مع الاخرين وقد غادرت للتو مواقف مليئة بالكبت والتشويش مع شعورك بأن المكائد لاتزال تحيق بك من كل جانب فكلما مر وقت منذ خلعت البذة العسكرية يستطرد جيفري تضاعفت شكوكي حول صوابيه ما قمت به خلال خدمتي العسكرية. لقد بدأت ادرك انني لن احصل على اجابات شافية فربما يكون ذلك من حسن الحظ وعلي ان اعتاد التعايش على تلك التساؤلات الى الابد ولكن للأسف يسهل قول ذلك أما تنفيذه فأمر اخر. ومع استمرار تداعيات حرب العراق وافغانستان سيظل جنودنا و محاربونا القدامى يتصرفون في ظل عزلة تامة.‏

 بقلم: جيمس جيفري‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية