ويرى البعض أن الإدارة الأمريكية تحاول أن تعزز قدراتها الصاروخية بسبب التزايد المستمر من إمكانية هجوم صاروخي عليها من قبل كوريا الديمقراطية أو إيران حسب مزاعمها, هذا الواقع الذي نتحدث عنه أفرزته جملة معطيات لعبت الإدارة الأمريكية بالوصول إلى هذه الحالة وهو استراتيجياتها الهجومية التي كانت واضحة تجاه إيران وكوريا الديمقراطية على مدى السنوات المنصرمة مما جعلهما يطوران أنظمة صواريخهم بصورة مستمرة , كل ذلك جعل الإدارة الأمريكية تفكر بشكل جدي بإيجاد وسائل لردع القوة الصاروخية الكورية والإيرانية .
إن النزعة الأمريكية والتي ظهرت من خلال المضي قدما بمنظومة الدرع الصاروخية توضح هواجسها التي تعتمد على السيطرة والتوسع ومن جهة أخرى تؤكد مخاوفها التي تتصاعد من تنامي القدرة الإيرانية والتجارب النووية الكورية المتكررة .
المتابعين للواقع السياسي في العالم يرون أن واشنطن بدأت منذ مدة بتنفيذ إستراتيجية جيوسياسية عالمية تهدف إلى تقسيم العالم إلى قسمين يمثل احدهما نادي الدول المتطورة , ويمثل الآخر بقية أجزاء العالم التي حكم عليها بموجب هذه الخطة بأن تتحول إلى جيوب سياسية وبأن تعاني من الحروب والانحطاط الاقتصادي , ويرى البعض أن عملية التحالف الغربي في ليبيا تعتبر جزءا من هذه الخطة وانه تحاول الولايات المتحدة رسم خارطة جديدة للعالم وفق مشيئتها, إضافة إلى ماجرى سابقا في السودان وتقسيمه إلى دولتان متناحرتان بصورة مستمرة , إضافة إلى مايجري من تحولات في إفريقيا و ....الخ .
إن امتناع الولايات المتحدة من تطبيق المرحلة الرابعة من نشر الدرع الصاروخي والتي أكدت موسكو أنها ضد هذه الخطوة , يؤكد أن الولايات المتحدة بدأت تدرك أن المضي بتنفيذ برنامجها بخصوص الدرع الصاروخي هو حالة استفزازية بالنسبة إلى روسيا يجب التوقف عنها .
إن الولايات المتحدة تنوي وضع محطة رادار في اليابان لرصد الصواريخ الكورية تزامنا مع تعزيز قدراتها بخصوص الصواريخ الاعتراضية وزيادة عددها في ألاسكا وبذلك ترفع من قدراتها الصاروخية الاعتراضية بحدود 50% , وهذا يفسر المخاوف الحقيقية للولايات المتحدة من القدرة والقوة المتنامية لكوريا الديمقراطية , إضافة إلى إيران والتي أضحت قوة يحسب لها حساب في منطقة الشرق الأوسط.
كل ذلك يجعل الواقع الدولي يزداد تعقيدا في ظل تعنت الولايات المتحدة على المضي قدما في سياساتها الخارجية والتي تهدف إلى سيطرتها على العالم عبر الرهان على تغيير المعادلات السياسية على الأرض عبر تغذيتها للحركات المناوئة للبلدان التي تخالفها أو تقف ضد استراتيجياتها , فنرى أن النزعة الأمريكية أخذت منحى تصاعدي في التدخل بالشؤون الداخلية لبلدان الشرق الأوسط, ومايجري في هذه المنطقة يؤكد النهج الأمريكي الذي يرمي إلى إضعاف دول المنطقة لتبقى إسرائيل هي المهيمنة والأقوى , وهذا يفسر الروح العدائية التي تحملها الولايات المتحدة ضد إيران وسورية وحزب الله كونهم يقفون في وجه مخططاتها الرامية إلى إضعاف خط المقاومة , وهذا يفسر مايجري في سورية والذي يهدف إلى إضعاف قوتها إضافة إلى العقوبات ضد إيران التي تتصاعد كل فترة, وهذا يفسر مايجري في منطقة الشرق الأوسط والذي يهدف إلى تغيير المعادلة من خلال خلق المشاكل في جميع دول المنطقة وإضعافها , وكل ذلك يقدم خدمات كبرى إلى إسرائيل لتبقى الأقوى في المنطقة .
لابد من القول انه كل ماتقوم به الولايات المتحدة من اجل السيطرة على منطقة الشرق الأوسط اوزيادة نفوذها العالمي عبر ماتقوم به من خلال إمعانها في نشر الدرع الصاروخي ومحاولاتها لإضعاف جميع الجبهات التي تقف ضدها سيبوء بالفشل من خلال التصميم من جميع أحرار العالم على الوقوف في وجه العربدة الأمريكية تجاه الشعوب تحت ستار الديمقراطية المزيفة التي تخفي وراءها النزعة العدوانية تجاه الشعوب .