بل لكل حدث من يتاجر به ويستثمره، إما لرفع شعبية أو لمواجهة خصم سياسي ما، وفي هذا الإطار تندرج الأخبار القادمة من واشنطن ــ والتي انشغل بها العالم صباح أمس ــ حول مقتل متزعم تنظيم داعش (أبو بكر البغدادي) في غارة أميركية أو عملية عسكرية خاصة كما يُشاع في إدلب حيث تعتبر اليوم بكل المقاييس الدولية أكبر معاقل الإرهابيين في العالم، والسبب يعود لواشنطن وأدواتها حول العالم، بعد أن توازعوا الأدوار المشبوهة في صناعة وتوريد الإرهابيين، والزجّ بهم في سورية لغايات لم تعد تُخفى على أي متابع منصف.
اللافت في توقيت الحدث، أن الإعلان عن مقتل البغدادي جاء بعد اقتراب موعد العمل على استرجاع ادلب المخطوفة وكنس الإرهابيين منها، حيث تقف واشنطن والنظام التركي حجر عثرة في طريق تحريرها من قطعان الإرهابيين، والغاية هي منع سورية وحلفائها من تحقيق مثل هذا الانجاز، أي القضاء على الإرهابي الأخطر عالمياً..!
البغدادي الذي شغل العالم في السنوات الماضية ــ وهو بالمناسبة خريج سجون الاحتلال الأميركي في العراق ــ هو صنيعة أميركية بامتياز، كما هو حال سلفه أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة الأم، حيث نما البغدادي وترعرع تنظيمه الإرهابي المتوحش تحت أنظار السي آي إيه في العراق، وأمّن الذريعة المناسبة للتدخل الأميركي في سورية، ولا أحد يملك سرّ وجود هذا الإرهابي في إدلب تحديداً، بعد أن اندحر تنظيمه في سورية والعراق، سوى واشنطن وأنقرة اللتين عارضتا بقوة أي عملية عسكرية سورية في إدلب طوال الفترة الماضية.
من الواضح والمؤكد أن مقتل البغدادي المختبئ بإدلب برعاية أميركية تركية، يأتي اليوم ليدعم أوراق ترامب الانتخابية في وقت يعاني فيه ضغوطاً داخلية تهدد مستقبله السياسي، ويحرف الأنظار عن بقاء القوات الأميركية في الجزيرة السورية كلص مكلف بسرقة النفط، وحاجز يحول دون تحرير ما تبقى من الأرض السورية، ولكن مثل هذه الورقة لن تعمر طويلاً إذ سرعان ما تحترق..!