تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


تجارب أصيلة

الملحق الثقافي
27/1/2009
عقبة زيدان

في دفاعه عن الفلسفة العربية، يقول علي حرب: «بتّ أميل إلى مخالفة الرأي القائل بأن الفلسفة المكتوبة بالعربية احتلت موقعاً هامشياً في الثقافة العربية الإسلامية.

إنها كانت على العكس، تلقى تقديراً عالياً في العصر الإسلامي الكلاسيكي، والدليل أن الخلفاء والسلاطين كانوا يتخذون وزراء لهم من بين الفلاسفة والحكماء...». وينوه حرب إلى أن الفلاسفة تعرضوا للضغوط أحياناً، ولكن ذلك شكل استثناء وخرقاً للقاعدة؛ وهذا – كما يرى حرب – لم يكن حكراً على العرب والإسلام، فقد شهدت أثينا هذا الخرق بإعدام سقراط، وشهدته أوروبا في عصرها الكلاسيكي بإعدام سبينوزا.‏

كل فلسفة تشيد بناءها اللغوي الخاص، إذ إن النشاط الفلسفي يقوم على الأفكار وابتكار المفاهيم. ومن هنا، نجد أن حرب يصل إلى تعريف قوي للفيلسوف بأنه عشيق المفهوم. وهذا المفهوم يقوم على اللغة، التي هي دليل على وجود الأشياء الذهنية والعينية.‏

أشاد العرب المسلمون برجهم اللغوي الهائل، وأصبحت اللغة هي إمكان الوجود، وعبرها تمّ التوصل إلى بناء فلسفي متين، وصل إلى أصقاع الأرض.‏

اللغة هي التي افتتحت الوعي، وبما أن الوعي هو نشاط رمزي لغوي، فقد مارس العرب الكتابة الفلسفية بلغتهم الخاصة، وألّف كل فيلسوف مصطلحاته ومفاهيمه الخاصة، وبذلك فقد صنع نصه الخاص به، وخلق فرادته المميزة. ومن خلال اللغة أثبت الفلاسفة العرب أن اللغة هي جسد الفكر، وبها يعرف نفسه، وأن علاقة الإنسان بوجوده هي علاقة لغوية.‏

تميز ابن رشد بلغته وكذلك الرازي وابن سينا والفارابي، وتمتع كل واحد منهم بفرادة وأهمية خاصة به، نضجت من خلالها الفلسفة العربية الإسلامية بوجهها المشرق من خلال نصوصهم الفريدة المميزة، التي كانت تجارب أصيلة، وكما يقول علي حرب: كل تجربة أصيلة تُملي لغتها الخاصة.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية