وعندما تتجسس (إسرائيل) على الولايات المتحدة،الأب الروحي والحقيقي لها وتضر بمصالحها، يصبح التآمر على أي حكومة صديقة أخرى أمراً طبيعياً.
فقد كشفت وسائل الإعلام التركية في الأول من كانون الأول 2008 أن التحقيق في قضية منظمة أرغنيكون المتطرفة يؤكد دور الموساد الإسرائيلي في دعم محاولة الانقلاب الفاشلة التي قامت المنظمة بالتخطيط لها.
واستناداً إلى صحيفة «ميليت» التركية، فإن التحقيق السري مع أعضاء التنظيم والدراسات خارج تركيا أثبتت أن للموساد دوراً في تخطيط منظمة أرغنيكون القومية.
وكشفت صحيفة « صباح» التركية أن الأدلة التي وردت في التحقيق تؤكد أن الحاخام اليهودي تيونكاي غيوني هو العقل المدبر لمنظمة ارغنيكون التركية، وقد هرب إلى كندا عام 2004، وأنه أحد عملاء الموساد الإسرائيلي.
وحسب تقرير صحيفة « الصباح» فإن الحاخام غيوني قد اخترق أرغنيكون ومنظمة أخرى هي جيتام، التي أسسها الجنرال المتقاعد ولي كوتشك المعروف بتحالفه مع المافيا.
وترجع خيوط القضية إلى عام 2001 عندما عثرت قوات الأمن في اسطنبول وفقاً لصحيفة «يني شفق» التركية المقربة من الحكومة، على وثائق فجأة في منزل الحاخام اليهودي تيونكاي غيوني، عضو المنظمة، الذي اعترف بعلاقته بالموساد قبل فراره إلى كندا.
كما عثرت الشرطة في منزل الحاخام على أكياس بداخلها أعلام اسرائيلية وشعار للموساد الإسرائيلي، وشعار منظمة أرغنيكون (رأس الذئب) الذي يعتبره القوميون المتشددون رمزاً للقومية التركية، وهو ما شكل مفاجأة للرأي العام التركي.
ويحاكم 86 شخصاً من أعضاء منظمة ارغنيكون بتهمة التخطيط للإطاحة بالحكومة ومساعدة جماعة إرهابية، وحيازة متفجرات وحيازة أسلحة بشكل غير قانوني، ووثائق سرية خاصة بالدولة، واغتيال عدد من الشخصيات السياسية على رأسها، رئيس الحكومة رجب طيب أردوغان، وقائد أركان الجيش السابق يشار بوكانيت، والكاتب التركي الحائز على جائزة نوبل أروهان باموك وعدد من السياسيين الأكراد.
وبين الـ 86 متهماً ضباط كبار، وصغار، وزعيم حزب قومي صغير ومحام وناقد وصحفيون، وعناصر مافيا.
وتعتبر هذه القضية الأخطر في تاريخ تركيا، إذ تشكل محاولة جادة لتصفية عدد من القيادات القومية والعلمانية التي حاولت الاستفادة من مواقعها الرسمية للتخلص من حكومة حزب العدالة والتنمية الحاكم منذ عام 2002، عبر افتعال أزمات سياسية بهدف إشاعة جو من التوتر في الشارع التركي، ووضع مخططات لاغتيال شخصيات بارزة.
وتبين من خلال التحقيقات أن هؤلاء المتهمين، مرتبطون بمنظمة ارغنيكون التي تبين أنها شبكة أخطبوطية في علاقاتها وتنظيمها السري، وعلاقاتها الخارجية.
ومن الوقائع التي أوردها الإدعاء، إتهام المنظمة بأنها هي التي كانت تقف وراء عديد من عمليات من الاغتيال ضد علمانيين من أجل اتهام الإسلاميين بذلك، واستمرار التحريض عليهم، وهكذا تم اغتيال الصحفي العلماني أوغور مومجو في مطلع التسعينيات، وكذلك تم نشر كاريكاتورات في صحيفة «جمهورييت» مستفزة للتيار الإسلامي، وأعقبها إلقاء قنابل من جانب هذه المنظمة على مبنى الصحيفة أكثر من مرة، لإظهار الأمر على أنه انتقام من جانب الإسلاميين.
لاشك أن هذه الاعتقالات قد أماطت اللثام عن أسرار تنظيم أرغنيكون وعلاقته بالموساد الإسرائيلي وعصابات المافيا.
ويرى بعض المراقبين في تركيا أن هناك تفاهماً بين الحكومة التركية وقيادة الجيش للتخلص من شبكة أرغنيكون التي باتت تشكل خطراً على تركيا، حيث وردت أنباء عن انقسام داخل الجيش بين مؤيدي أرغنيكون وبعض قيادات الجيش.
أرغنيكون، حسب الأساطير التركية هواسم الوادي السحيق الذي حوصر فيه الأتراك فدلتهم ذئبة على طريق الخروج منه ليستمروا في الحياة.
واستناداً إلى هذه الأسطورة تعتبر منظمة أرغنيكون، المتطرفة والمرتبطة بالموساد الإسرائيلي أن تركيا اليوم محاصرة بفعل جبال حزب العدالة والتنمية بجذوره الإسلامية.
لاشك أن (إسرائيل) ومن خلال هذه المنظمة قد كشفت عن وجهها الحقيقي ،وأعادت إلى الأذهان دورها التخريبي في أكثر من بلد في هذا العالم.