تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


كل شيء بدأ بكذبة تاريخية!!

آلترموند بلا حدود
ترجمة
الأحد 6/4/2008
ترجمة : منير الموسى

نعتقد أحياناً أن حرب إسرائيل على الشعب الفلسطيني لا مخرج ولا حل لها, وهذا أمر غير مصيب, ففي هذه الحرب احتلال وشعب تحته, وثمة بلد اسمه فلسطين ومجتمع فلسطيني تقوضت أركانه بشكل ممنهج, فالأشجار تقطع فيها, وأراضيها تصادر, وأحياء كاملة تهدم بمنازلها, والمدنيون يقتلون على حين غرة, ولا سيما الأطفال الذين يتهمون دون أناة بأنهم إرهابيون, وهناك اقتصاد يخنق, وشعب يحاصر بجدار العار, والقانون الدولي ينتهك يومياً.

كل شيء بدأ بكذبة تاريخية, مع أن فلسطين لم تكن قط أرضاً بلا شعب, لشعب بلا أرض, بل كان فيها شعب خرج مرغماً وتشتت عام ,1948 وهو اليوم في أغلبيته شعب لاجئ.‏

الغرب يجعل الشعب الفلسطيني ولا يزال يجعله يدفع ثمن خطيئته باضطهاد اليهود, التي لا علاقة للشعب الفلسطيني بها, وحتى تنتهي حرب إسرائيل على هذا الشعب ببساطة هناك مبادئ بسيطة: الاعتراف بنكبة عام ,1948 وإيقاف الاستيطان وتفكيك كل المستوطنات في أراضي 1967 وضمان حق العودة للاجئين,وأن تكون هناك حقوق الطرفين متساوية لكلا الشعبين.‏

ولم تتوان مختلف الحكومات الإسرائيلية يوماً عن طحن الشعب الفلسطيني وتشريده إلى ما وراء نهر الأردن تحقيقاً لمشروع تاريخي يتبناه اليمين الصهيوني منذ عام 1930 وهو مشروع جابوتنسكي, أو حشر هذا الشعب في كانتونات لا يطاق العيش فيها, وقد تأججت الحرب بتضافر المصالح بين اليمين المسيحي الأميركي الذي أتى بريغن ثم بوش إلى البيت الأبيض وبين جزء من الإسرائيليين الذين يريدون إحياء الامبراطورية الأسطورية التوراتية, وهو مشروع يضطهد الآخر ويشرده وهو كابوس للبشرية جمعاء, ولا حل عسكرياً مع الحروب, والسلام يتطلب انقلاباً في الرأي العام ولا سيما اليهودي في إسرائيل وخارجها, مثل انقلاب الرأي العام الفرنسي الذي أنهى حرب الجزائر, والرأي العام في جنوب إفريقيا الذي أسقط نظام الأبارتيد, ولا بد لذلك من مقاومة عنيدة من الشعب الفلسطيني مع رفض الاستسلام,وعدم القبول بالاحتلال والتشريد ووقوف اليهود ضد الحرب أمر ضروري.‏

في إسرائيل وأوروبا هناك يهود في منظمات يرفضون الممارسات الإسرائيلية التي ترتكبها قوات الاحتلال باسمهم, ولم يعد أي منهم يقبل باستخدام معاداة السامية أو المحرقة لتبرير قتل المجتمع الفلسطيني, ويعتقدون أن عليهم القيام بدور نوعي لقلب الرأي العام ليثبتوا أن هذه الحرب ليست إثنية ولا عرقية, بل إن المطلوب هو العدالة والمساواة.‏

إسرائيل تعاني تداعيات هذه الحرب, فهي تعيش في أزمة سياسية واقتصادية وأخلاقية, وتزداد حدة الفقر والبطالة فيها مع أن المفترض أن تجلب الأمان لليهود, وهو الأمر غير المتوافر في العالم وازداد عدد الإسرائيليين الذين يعيشون في الخارج إلى ثمانمئة ألف, منذ الانتفاضة الثانية.‏

والمعارضة اليهودية المناهضة للاحتلال تتخذ محاور عدة, ولو كانت أقلية وهناك من يعتبر أن الاحتلال غير أخلاقي وامتهان للمجتمع اليهودي وذلة له, والمعارضة الأكثر تشدداً ترى أنه يجب نسف مشروع (الدولة اليهودية) برمته, وثمة أغلبية كبيرة في إسرائيل تناهض المستوطنين, مع أنه لا إجماع في الرأي, وأخطر معارضة هي من العسكر, واليوم هناك 1400 رافض للخدمة, وثمة حركة تسمى (ياش كفول) تدعم ماليا وقضائياً من يرفض الخدمة العسكرية, والأحكام بحق هؤلاء تصدر لرفضهم الخدمة في الأراضي المحتلة ومدتها 28 يوماً سجناً قابلة للتجديد, وتنظم حركة (ياش كفول) اعتصامات أمام الحواجز والسجون العسكرية. ورافضو الخدمة مثل (جوناثان بن ارتزي) صدرت بحقهم أحكام بالسجن سنتين.‏

وبالأمس تأسست حركة (سيريوف) (رفض جزئي) أطلقتها صرخات 400 عسكري في صحيفة (هآرتس) وتضم الاحتياطيين من كل وحدات الجيش وطيارين, وقد أقامت معرضاً للتصوير الضوئي حول الاحتلال في الخليل لاطلاع السلام على ما خفي عنهم.‏

ومن بين دعاة السلام المتشددين هناك جماعات من الشخصيات السياسية مختلفة المذاهب, مثل مجموعة ميشال وارشاوسكي, وغوش شالوم (كتلة السلام) التي التقى أحد مؤسسيها, أوري أفنيري, عرفات في السبعينيات يوم كان ذلك يعد جريمة.‏

وكذلك الصحفي جدعون ليفي وأميرة هاس, وهناك المؤرخون الجدد مثل إيلان بابيه الذي أعاد كتابة القصة الحقيقية للنكبة وتعرض لمضايقات, وثمة جماعات تضم فلسطينيين وإسرائيليين مثل جماعة (لنعش معاً) التي تنظم التظاهرات وتندد بالجدار العازل, كما مجموعة (الأسر المنكوبة) ويتزعمها نوريت بليد الذي قتلت ابنته في إحدى العمليات, ويناضل هو ورفاقه رافضين الثأر ويطالبون بإنهاء الاحتلال.‏

وهذه الشخصيات وهم أقلية يعانون المهانة, وهناك من يعدّهم خونة, ويعانون مشقة العيش في منزلقات المجتمع الإسرائيلي وجرائمه المتزايدة, ولعلهم سيكونون جذوة انقلاب الرأي العام, ولا سيما أن اليسار العمالي المتواطئ مع اليمين في أغلب الاعتداءات على الفلسطينيين يعيش في أزمة وسينحو في النهاية إلى سلام حقيقي قائم على العدالة.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية