والمعروف بمواقفه الموضوعية تجاه الصراع العربي-الإسرائيلي تحدث عن رؤيته حول هذا الموضوع من خلال ندوة عقدت في باريس استضافته إلى جانب أحد صناع مشروع الاتحاد من أجل المتوسط هنري غينو. ونكتفي بنقل وجهة نظر بونيفاس حول هذا المشروع الذي يشمل كافة الدول المشاطئة للبحر المتوسط, ويمتد لتشميل أوروبا بأكملها, ويتوقع الكثيرون أن يصطدم بعقبات تقوده إلى الفشل كسلفه مؤتمر برشلونة.
ويعتقد بونيفاس أن أي مشروع يطرح قبل تنفيذه ينبغي احراز تقدم على خط السلام الاسرائيلي الفلسطيني من أجل إنجاح مشروع الاتحاد ,من أجل المتوسط, أو أي مشروع آخر. وأكد أهمية منطقة المتوسط الاستراتيجية, ولا سيما بالنسبة للاوروبيين. وعلى عكس ما كان يقال سابقاً , ومنذ فترة طويلة, من أن منطقة البحر المتوسط تتميز المصالح فيها لكونها فقط ثقافية وتاريخية وليس لها أي أهمية استراتيجية. وهذا ينطوي على خطأ كبير لأن المنطقة مسرح للصراع العربي - الاسرائيلي الذي يلقي بظلاله القاتمة على العلاقات بين العالمين الاسلامي والغربي. ويقول: إن السؤال الذي يطرح نفسه علينا و بقوة هو: هل ينبغي علينا أن نصيغ مشاريع لتجاوز حصار سياسي أم أن الحصار السياسي لن يقف حائلاً دون تطبيق المشاريع وتنفيذها?
ويؤكد بونيفاس عدم موافقته مع ما جاء في خطاب الرئيس ساركوزي الذي ألقاه في تشرين الأول المنصرم, مؤكداً فيه أن اوروبا لم يتم بناؤها على أساس الندم والتحسر, وإنما عم فيها السلام بفضل المشاريع والمبادرات. وتلك حركة جدلية, فلأن الفرنسيين والألمان أرادوا إزالة أسباب خلافهم التاريخي, استطاعوا أن يصنعوا السلام.. وهذا حقيقة, بيد أن الصراع الاسرائيلي الفلسطيني يعتبر صراعاًً خطيراً وأساسياً في منطقة البحر المتوسط أكثر مما وصلت إليه العلاقات الفرنسية - الألمانية في السابق من تأزم. وطالما أننا لم نتصد لعقدة المشكلة, فإننا أمام أزمة مستفحلة. ولا شك أن كافة دول حوض المتوسط لها مصلحة كبيرة في المضي قدماً بمشاريع الحد من التلوث, على سبيل المثال, ولكننا في الواقع لا نستطيع إقامة مشاريع تعاون حقيقية جدية دون إيجاد تسوية للصراع الفلسطيني - الاسرائيلي. كما وينبغي ألا تحجب أهمية القضايا الاستراتيجية والمستجدات الحالية حقيقية الهوية الخاصة لكل شعب على حده, وهي جد قوية ومهمة. وفيما إن نسي الزعماء ذلك الواقع, وتلك الحقيقة, فإنها ستفرض نفسها عليهم وسريعاً. إذ ثمة مخاطر استراتيجية ينبغي وضعها في الحسبان. ولا أحد يستطيع أن يؤسس ويبني متجاهلاً ومتنكراً للماضي, وهو لأوروبا, ماضٍ استعماري, والاعتراف بذلك, ليس معناه, الندم, ولكن من المهم معرفة ما مر معنا لكي نستطيع أن نسير إلى الأمام. وهذا ما تم بين فرنسا وألمانيا, وما ينبغي أن يتم مع شعوب الجنوب. ولا يهم الطريقة التي تم فيها إنضاج التفاهم حول الاتحاد من أجل المتوسط, والذي تولد نتيجة تفاهم فرنسي, ألماني, بل هي النتائج التي سوف نحصل عليها ونتمعن في التفكير بها, ولا ينبغي أن تقودنا الرغبة في إذكاء نار قضايا التعاون البراغماتية, والتي تعتبر إيجابية في حد ذاتها إلى التخلي عن أي طموح استراتيجي. وفي هذا الصدد, كان ,غالباً, مايأتي موقع الاتحاد الاوروبي في المؤخرة, ومكتفياً بأن يكون مجرد كوة, أو ناصح. ففي مسألة المياه, وهي رئيسية في منطقة الشرق الأوسط, ففي اليوم الذي سوف تتوصل فيه دول منطقة الشرق الأوسط إلى التعاون في هذا الملف, على غرار ما فعلته ألمانيا وفرنسا عام 1951 في قضية الكربون والفولاذ, فإننا نكون قد قطعنا شوطاً في حل القضية الفلسطينية - الإسرائيلية. وأي سياسة مفروضة, وأحادية الجانب, لا بد وأنها ستزيد العداء الشديد لدى الرأي العام ولدى الشعوب.