تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الخذلان مع الخنوع أو المقاومة مع الكرامة!

شؤون سياسية
الأثنين 13-8-2012
نبيل نوفل

منذ أن اتخذت الإدارة الأميركية قرارها المشؤوم في احتلال العراق تحقيقاً للخطوة الجديدة في مشروعها الاستعماري «الشرق أوسطي» أخذت تعمل مع حلفائها الأوروبيين على إعادة ترتيب المنطقة بما يخدم هذا المشروع من جهة

الذي هو في جوهره يصب في مصلحة الكيان العنصري الصهيوني وأول هذه المصالح تدمير العقل العربي المقاوم والمناهض للمشروع الصهيوني ولم يعد خافيا على أحد أن الذين يحملون المشروع المقاوم يتمثلون حاليا في سورية والمقاومة اللبنانية والفلسطينية ومن هنا وضعت في أولويات أجندتها تدمير المقاومة اللبنانية بهدف السيطرة على لبنان والضغط على سورية وبدأت المعركة على المكشوف منذ عام 2005 باغتيال رفيق الحريري في لبنان وإلصاق التهمة بسورية وحزب الله والقوى الوطنية اللبنانية وخاصة حزب الله للثأر من هزيمة الكيان الصهيوني عام 2000 .‏

وتوجهت الجهود بداية باتجاه اتهام سورية لكن صمود سورية قيادة وشعباً وبوعي الشعب والقوى الوطنية والتقدمية والقومية أحبطت المؤامرة ، وخرجت سورية قوية منها آنذاك وزادت المقاومة منعة وقوة فشن العدو الصهيوني والأميركي مدعوماً من الغرب الامبريالي والدول المتآمرة معه في الوطن العربي حرب تموز على المقاومة اللبنانية عام 2006 والتي كانت صفعة لقوى الشر والعدوان وأرادت الامبريالية والصهيونية أن ترد اعتبارها فقامت بالعدوان على غزة فتمرغ أنفها في التراب وصمد شعبنا البطل في غزة وهزمت إرادة الأعداء مرة أخرى أمام الصمود البطولي للمقاومة ، وقعت الإدارة الأميركية والصهيونية في مأزق كبير وهو استحالة هزيمة المقاومة عسكرياً بسبب قوتها وتماسكها وصلابتها وتغيير قواعد اللعبة التي يستند إليها العدو الصهيوني المتمثلة بالحرب الخاطفة والحاسمة والقتال على ارض الخصم فانتقلت المعركة إلى داخل الكيان الصهيوني واليوم يعاود العدو هجومه على المقاومة وقلعتها سورية العروبة للثأر من انتصار حرب تموز التي غيرت موازين القوى في المنطقة وطبيعة الحرب وخططها الإستراتيجية وأربكت القيادات المعادية والدول الداعمة لها إنهم يعاودون الكرة هذه المرة، مستغلين حالة التخبط الذي يشهدها الشارع العربي من خلال الثغرات والاضطرابات التي أدخلته فيه الإمبريالية الأميركية والدول الاستعمارية الغربية الفرنسية والبريطانية وغيرها التي أيقظت خلاياها النائمة لتعيث فساداً وفوضى في معظم الأقطار العربية وخاصة في الدول الداعمة للمقاومة والقضية الفلسطينية مستغلة ما حدث في تونس ومصر من أحداث أدت إلى سقوط نظامين موالين لها ما سيحدث خللاً في بنية النظام العربي ومراكز القوى في المستقبل القريب لصالح القضية العربية لذلك استمرت في عملها على إسقاط النظام المقاوم في سورية واستبداله بنظام آخر يقبل الخنوع والتسليم بالمشروع الصهيوني فحركت أذنابها التي ربتهم في أقبيتها واخذوا يحرضون الشارع ويطلقون الأكاذيب مما احدث بعض البلبلة في الساحة السورية مدعومة بدويلات الخيانة والعار في الخليج العربي الذين كانوا وما زالوا أدوات قذرة بيد القوى الاستعمارية ودمى يحركونها لضرب الأمة العربية وتصفية حقوقها لكن خاب فألهم لأن شعبنا العربي في سورية الذي تمرس في مقارعة الغزاة والمستعمرين سرعان ما كشفها وأسقطها بعد أن تبين للقوى الامبريالية والصهيونية عقم أساليبهم أوعزوا لمرتزقتهم في الدول العربية التي تأتمر بأمرها للبدء بعملية سد الفراغ الذي أحدثه غياب النظامين العميلين لها في المنطقة فتحركت الدول الخليجية بقيادة السعودية لتوسيع مجلس التعاون الخليجي بضم الأردن والمغرب له من أجل ما يسمى مناهضة التدخل الفارسي في المنطقة متناسين التدخل الأميركي والأطلسي حتى في غرف نومهم كل ذلك لضرب القوى الممانعة والمقاومة في المنطقة. وقد كشف جان بيير شوفنمان في كتابه «الأخضر والأسود» الذي يدور حول الأصولية والنفط والدولار المؤامرة الاستعمارية الجديدة التي تستهدف الفكر القومي العربي والقومية العربية حيث يعتبر الغرب الانبعاث القومي خطراً عليه وعلى مصالحه ورفض /شوفنمان/ الادعاء الاستعماري الغربي بقوله:« إذا كانت التجربة القومية في أوروبا قد انتهت بالفاشية أو النازية فليس من الضروري أن تنتهي التجربة القومية العربية على ذات المصير الأولى كانت نزعة هيمنة وتوسع في حين بقيت الثانية حركة تحرر وطني » وبالتالي الحرب المفتوحة على سورية اليوم هي مسعى ليس للانتقام من مكانة سورية ودورها وموقعها فقط بل من كل محتويات خزينها الفكري والثقافي الذي هو خزين عربي بامتياز في جميع مظاهره ومحتوياته، لأن سورية تدرك أن قوة الوطن في قوة وحدته وإن ظهور طبقة من فقهاء الظلام الذين يتحدثون باسم الدين وهو منهم براء من الألف إلى الياء كل ذلك في نطاق عاصفة من الأكاذيب والتهويل والاستثمار المشبوه في ظل مخطط يعمل على تذويب أوطاننا بأكاسيد العولمة المتوحشة لا يزيدنا إلا تمسكاً بعروبتنا ومقاومتنا وقرارنا الوطني المستقل، وستظل القومية العربية طريق خلاصنا والانتماء للعروبة المقاومة المتجددة صمام أمان الأمة والمخرج الحضاري من مشاكلنا والعنف والفوضى والتبعية التي تعيشها أمتنا اليوم في ظل حكومات مدعومة من الغرب الاستعماري مستبدة غشومة وفاسدة سياسياً ومالياً وتنهب شعوبها وتحتكر السلطة من قبل أقلية عائلية تتربع على عروشها لم تلق أي لوم من القوى الغربية والسبب أنها تقوم بمهمة كبرى هي سهرها على حماية الكيان الصهيوني في فلسطين بل وصل بها الأمر لتمويل قتل أبناء الأقطار العربية الأخرى المناهضة لهذا الكيان الدخيل ولا ننسى ما فعلته جامعة الدول العربية بإعطاء الغطاء للدول الغربية لتدمير ليبيا وقتل أطفالها بمباركة هذه الدول العميلة وهي معروفة ولن يغفر التاريخ لهم ما اقترفوه بحق العراق وليبيا وما يفعلونه اليوم في لبنان وفلسطين وسورية.‏

إن ما يجري اليوم من اتهام مزور ومفخخ طبخ في مطابخ الإدارة الأميركية الصهيونية واستخباراتهما ضد سورية وحزب الله هو لضرب المقاومة العربية وفي مقدمها حزب الله الذي حرر الأرض والكرامة العربية وأعطى درساً جديداً في الكفاح الوطني، لكننا على ثقة بقدرة المقاومة وقيادتها على إفشال المؤامرة من جديد وان الرياح لن تأتي كما تشتهي السفن الأميركية والصهيونية فقوى المقاومة في سورية ولبنان وفلسطين قوية وقادرة ومقتدرة وستفكك كل الفخاخ والألغام وتفجيرها في أيدي صانعها. ونقول للذين يراهنون على العدو الصهيوني في حرب لتدمير المقاومة إن هذا العدو بات عاجزاً عن القيام بذلك وهو سيفكر ألف مرة قبل الإقدام على أي مغامرة قد تجعل وجوده موضع تساؤل.‏

إن المقاومة قوية ومستعدة لكل الاحتمالات وكما أسقطت مؤامرات العدو سابقاً ستفشلها الآن وفي المستقبل بل ستلحق به الهزيمة وتهدد وجوده وتقطع أذنابه المتواجدين على الساحة اللبنانية والعربية وستبقى قوى المقاومة هي سيدة القرار العربي شاء من شاء وأبى من أبى لأن المقاومة هي خيار الشعب الواسع ولا يهمها نقيق الضفادع ونباح مرتزقة دويلات الخليج العربي والمواطن العربي اليوم أضحى بين خيارين إما العيش بكرامة مع المقاومة وإما الذل مع الخنوع والاستسلام ونذكره بقول الشاعر العربي:‏

أمامك فانظر أي نهجيك تنهج .....طريقان شتى مستقيم وأعوج‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية