ذاك الحامل بين ضلوعه قلباً قلما نجد مثله ، جمع فيه الحب والتواضع والمثل العليا ورقياً يأسر فيه محدثيه ، إضافة لفكر خلاق يفاجئك باقتراحات وحلول ورؤى تجعل للعمل بصمة خاصة يميزها الاتقان والابداع ، لا بل وصل إلى مرحلة بات العمل الذي يُقترن باسمه يضمن مستوى معيناً لا يحيد عنه وحيزاً مؤكداً من النجاح ، فتحول اسمه على شارة أي العمل إلى (ماركة مسجلة) يصعب تقليدها .
ما أشد الحزن الذي يكتنف النفوس عندما يترجل الكبار ويختطفهم الموت ، فهنيئاً لك يا موت بمبدع يترجل من فوق صهوة جواده بعد سنين مديدة من العطاء ، لقد نلت منه جسداً لكن ستعجز عن الاقتراب من ذاكرة وتاريخ زاخر بالعطاء والعمل بصمت . فإن غاب جسداً حضر إرثاً فنياً وإنسانياً يُحفر في الذاكرة والوجدان .. وسيبقى ما خلّفه من أعمال قصة تشهد على حياة عاشها بألمها وحزنها وتعبها ، ويبقى له مكان في القلب من الصعب أن يناله الصدأ يوماً مهما مرت عليه السنون .
جورج لطفي الخوري (المُعَلِم وشيخ الكار) ليس مدير تصوير وإضاءة في السينما والتلفزيون وحسب ، وإنما هو مبدع له تجارب هامة في أكثر من مجال وأكثر من صعيد ، لقد أسهم في تصوير أول فيلم سينمائي من إنتاج المؤسسة العامة للسينما عام 1965 وهو بعنوان: (سائق الشاحنة) إخراج بوشكو فوتشينتش ، وتزخر مسيرته الفنية بعدد كبير من الأفلام والمسلسلات التي كان مديراً للتصوير والإضاءة فيها ، كان آخرها على الصعيد السينمائي (حراس الصمت) إخراج سمير ذكرى ، أما على صعيد الدراما التلفزيونية فمسلسل (أرواح عارية) إخراج الليث حجو ، وأخرج جورج لطفي الخوري للسينما فيلمين روائيين طويلين (أموت وأحبك مرتين) عام 1976 و(الصحفية الحسناء) عام 1977 كما أخرج العديد من الأفلام القصيرة ، وكتب فيلم (القادمون من الأعماق) ، وأقام العديد من معارض التصوير الضوئي .
يذكر أن الفقيد قد توفي في النمسا عن 73 سنة (مواليد 1939) ، ليتغمده الله في رحمته وليكن ذكره مؤبدا .
fmassad@scs-net.org