فكر لاوجود له في أخلاقيات البعد الإنساني والحضاري لبني البشر، فكر وهابي متطرف يقوم على التزمت والإلغاء والإقصاء للآخر، لدرجة أنه لوكان باستطاعة أصحاب هذا الفكر من مؤسسين وداعمين ومشاركين ومخططين وأدوات مأجورة أن يمنعوا الأوكسجين عن الشعب العربي السوري لماقصروا في ذلك فهم يسعون إلى كل شيء حيث يوجد الأذى.
ولعل الفيلم الوثائقي«تحت الضوء» الذي عرضته الفضائية مؤخراً يظهر إلى حد كبير كم هو مهم وأساسي حجم الدور الملقى على عاتق الأسرة بشكل خاص كخلية ونواة أولى، والمدرسة كمؤسسة تربوية مجتمعية بشكل عام معنية بضرورة تعزيز كل مايتعلق بمفردات الانتماء بكل ماتعنيه الكلمة من معنى، فما كشفه الفيلم وأظهره يبين إلى حد كبير حجم التباين والتفاوت في مسألة الوعي الوطني ومدى الإدراك لأهداف ومرامي الخضوع والسيطرة لمفهوم التطرف الذي قوامه اللعب على أوتار الدين وشجون الوعود بلقاء مالذ وطاب في عالم الجنة..؟!
فكانت العصبية في معتقد هؤلاء تظهر حتى بأبسط أدبيات الحياة الاجتماعية فسلام الأخ لأخته وأخيه أصبح محرماً في عرف هؤلاء، أو اختلاف الرأي أو وجهات النظر بين الأب وابنه أصبح كفراً.. لايستحق النقاش.
وبعيداً عن فلسفة هذا الفكر ونتاجه التدميري على أرض الواقع بفعل الأدوات البشرية المزروعة في كل مكان ليس في سورية وحدها، بل في كل أصقاع العالم، لابد من طرح السؤال إلى أي حد مسؤولة الأسرة السورية عن المساهمة بتطويق هذا الفكر ورفضه من خلال التربية وتعزيز مفهوم الانتماء، وتغليب مبدأ المواطنة والوطنية أولاً وأخيراً على الطائفية والمذهبية؟!
فما كشفته الأحداث من حجم الفجوة في حقول الألغام المعبأة في رؤوس من يتبع لتنظيم القاعدة وكل من له صلة بهذه السلسلة التكفيرية يؤكد إلى حد كبير وبمالايدعو للشك أهمية دور الأسرة في المجتمع إذ لكل التأثير الإيجابي إذا ماأحضر ضميره تجاه وطنه، فالأب والأم والأخ والأخت والجار الصديق والقريب يجب أن يكونوا جميعاً العين الساهرة والمعلومة الصادقة والواجب الأخلاقي في منازلهم ومحيطهم وأماكن عملهم في رصد كل ماهو غير طبيعي ويؤدي إلى أذى الوطن والعبث بأمنه وأمانه.
فحين يكون كل هؤلاء عوناً للجهات المختصة في الإشارة إلى مكامن الخطر سواء أكان فكراً أم ممارسة فإن ذلك يجنب المجتمع العديد من الويلات والمآسي على جميع المستويات الإنسانية والأخلاقية والاجتماعية والاقتصادية فمهما تكن المعلومة بسيطة بنظر الأهل أو أي فرد فإنها قد تكون ربما من أهم المفاتيح التي تساعد في الوصول إلى الخلايا المتربصة شراً بهذا الوطن.