ولكنه يعكس في الوقت ذاته واقع الهزيمة التي منيت بها المشاريع الأميركية، واندحار تلك القوات تحت يافطة الاتفاق مع المجرم أردوغان، والتخلي عن (قسد)، لا تعدو أكثر من محاولة تجميل لتلك الهزيمة، حفاظاً على ما تبقى من ماء وجه لدى المحتل الأميركي.
ما يثير الانتباه هو تعمد تلك القوات المحتلة تدمير معظم القواعد المنسحبة منها، وإحراق الوثائق وأجهزة الاتصال والحواسيب والشاشات، في تأكيد واضح على أن الاحتلال أراد عدم ترك أي معلومة، أو أثر صغير وراءه، يثبت إشرافه المباشر على إدارة عمليات داعش الإرهابية، وحجم الدعم المقدم للتنظيمات الإرهابية الأخرى التي جندها ودربها، واستثمر كثيراً في جرائمها قبل أن يضعها تحت أمرة شريكة التركي في الإرهاب.
واللافت أيضاً حرص قوات الاحتلال الأميركي المندحرة على نقل المئات من إرهابيي داعش وعوائلهم المعتقلين لديها في منطقة الجزيرة إلى العراق، بهدف ضمان حمايتهم والحفاظ على حياتهم، وهذا يثبت مجدداً مدى الإصرار الأميركي على التشبث بإرهابيي التنظيم، والاستحواذ عليهم، كي تتصرف الولايات المتحدة منفردة في عملية إعادة تدويرهم، واستخدامهم في مناطق ودول أخرى لتنفيذ أجنداتها ومخططاتها، في سياق حروب الوكالة التي تشنها على الكثير من بلدان العالم، لنهب ثرواتها ومقدراتها، من جهة، ولمحاولة فرض هيمنتها وسطوتها من جهة ثانية.
ويبقى الأكثر دهشة التناقض الأميركي بقرار انسحاب القوات الأميركية المحتلة، حيث أعلن ترامب أن كافة جنوده سيعيدهم إلى بلادهم، وفي وقت لاحق قال إنه يرد الحفاظ على (قوة محدودة) لحماية الحقول النفطية، وإنه سيرسل إحدى الشركات النفطية الأميركية الكبرى للعمل بتلك الحقول، وكأنها محمية أميركية طبيعية، وقد أكد وزير حربه مارك اسبر هذا الأمر بإشارته إلى أن بعض قواته ستبقي على احتلالها لبعض المناطق المحاذية لحقوق النفط شمال شرق سورية، تحت مزاعم حمايتها، والسؤال كيف سيقوم بحمايتها وهو من يقوم بسرقة النفط من آبارها وبيعها عبر وسطاء ومنهم نجل أردوغان وأفراد من عائلته لدعم داعش ومده بالسلاح والذخيرة، فمجرد الإفصاح الأميركي عن بقاء بعض القوات المحتلة لاستكمال عمليات نهب النفط، يختزل كل الأهداف الحقيقية التي تقف وراء الغزو الأميركي لسورية، أو غيرها من باقي الدول، حيث تبقى أميركا وحدها راعية الإرهاب العالمي.