تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


لا أديرُ لك ظهري ((الحبُّ الكبير يتولّدُ من معرفتك بالأشياء التي تحبُّها)). دافنشي

ملحق ثقافي
29/7/2009م
عادل محمود

-1- قد لا تستطيع هذه المحبرةْ

التأكّد من الوصول إليّ...‏‏

قبل أن ينفدَ من القلم الأسودِ‏‏

هذا الدواء.‏‏

وقد لا يعنيني الوصول.‏‏

كتبنا كثيراً:‏‏

‏‏

رسائل عبر زجاجات العصور‏‏

في بحارٍ متعددةِ الظلماتْ‏‏

كتبنا لنبلّغَ أصحابنا:‏‏

قلباً يغور، وروحاً تئنُّ.‏‏

كتبنا خسائرنا.‏‏

وثمةَ ما سوف نكتبه ونرميه.‏‏

لكني...‏‏

توقفتُ الآنَ‏‏

لأفتح بابي.‏‏

وصَلَتْ تلك المحبرةُ الآنَ‏‏

وأنا... عند منعطفِ السطرِ الأخيرِ!‏‏

-2-‏‏

أجلس، وحيداً كالعادة،‏‏

على كرسيّ أمام الفجر.‏‏

كرسيّ من خشب الزيتونْ.‏‏

أمامي طاولةٌ من الزنزلخت‏‏

وبيدي ريشةٌ من بومتنا‏‏

التي عششتْ في زاوية الماضي.‏‏

أكتبُ على ورقٍ أصفرَ من دلبتنا العظمى.‏‏

أسجل كلَّ خسائر هذا اليومْ.‏‏

لا حبَّ على ضفاف النهر.‏‏

لا سرير لهذه الرغبات.‏‏

القهوة اندلقتْ،‏‏

فمَحَتْ كلَّ أحرف الكتابه.‏‏

حقلُ أرجوانٍ آسفٍ...‏‏

يزخرف هذا الفجر!‏‏

-3-‏‏

لكي ترسمَ صورةً لشخصٍ سعيد..‏‏

ضَعْ أولاً يدكَ على صدره.‏‏

ثم قِسِ الأميالَ التي مشاها‏‏

حول الكرة الأرضية بحثاً عن حبّ.‏‏

ثم...‏‏

ارسمْ ما تشاءْ‏‏

بأي لونٍ تشاءُ‏‏

من الأفراح..‏‏

من الأحزان...‏‏

من الإهمالِ والشغَفْ‏‏

من التذكر والنسيان...‏‏

أنت حرٌّ...‏‏

افعلْ بالحقيقةِ ما تشاء!‏‏

-4-‏‏

في الخمسين:‏‏

أدركَ الوردةَ...‏‏

تعرَّفَ إلى مرتفعاتِ البهاء،‏‏

آتيةً إليه، في المنحدرات.‏‏

في الخمسين تقبضُ ذروتُه‏‏

على صرخة الليل الطويلْ‏‏

-5-‏‏

في الستين:‏‏

أما صخرة عليا...‏‏

زرقاءُ عشش فيها النحلُ‏‏

يصعدُ نحو اللسعات.‏‏

ويقطع بسكين الهواء... شهدَ الأيام.‏‏

-6-‏‏

في السبعين:‏‏

يلثم جدران الضوء‏‏

مكسوراً في صباح عميق‏‏

على ظلٍّ آمنْ‏‏

يقبّلُ ماء النهر.‏‏

يرعى قطعان الأشجار‏‏

العائدة من غَسَقٍ راقصْ.‏‏

وفي ذروة وقتٍ ما...‏‏

يتفقد ما لا يعرفُ‏‏

من أدواتِ العزلة...‏‏

ضاعتْ بين وريقات الأزهار.‏‏

-7-‏‏

في التسعين:‏‏

آيّلٌ يفلّي قرنيه.‏‏

جبل يحكّ له ممرُّ التنمّل‏‏

في الرئتين.‏‏

ووعول ترمح في الضوء‏‏

إذْ مالتْ فكرتُه لتنام على قيلولتها‏‏

غطاها بحرير صباها.‏‏

-8-‏‏

مائة...‏‏

قرن كاملٌ عدَّ أصابعَهُ‏‏

فوق المعزوفاتْ...‏‏

وطوى كل علامات الناي.‏‏

فرشاة من شعر شائب‏‏

وخلطةُ ألوان الدنيا...‏‏

كتبتْ فوق جدار الكهف...‏‏

الكهفِ الأولِ للإنسانِ الأولْ‏‏

«أطْلِقْني» ...يا أللّه!‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية