وأنها مذهب في الإنسان من زاوية وجود الإنسان ذاته. ولذلك فهي تتميز عن كل العلوم التي تبحث في الإنسان.
ولد ماكس شيلر عام 1874 في ألمانيا، وهو من أبرز مؤسسي الأنثروبولوجيا الفلسفية المعاصرة.
جاءت كتابات شيلر وأفكاره ردة فعل على الأزمة الكبيرة للرأسمالية والتي تبلورت بعد هزيمة ألمانيا في الحرب العالمية الأولى.
إن أزمة المجتمع البرجوازي هي نتيجة لأزمة الفرد. وبسبب التقصير في تقدير أهمية علوم الثقافة، أي الأنثروبولوجيا، وصل الإنسان الغربي في القرن العشرين إلى هذه المرحلة المرعبة. وهكذا يصبح السؤال الرئيس عند شيلر: «ما هو الإنسان؟» ويتصدر المسألة الفلسفية لديه.
يقول شيلر: «إن الإنسان شيء، هو من السعة والشمول والتنوع، بحيث تكون كل تحديداته المعروفة قليلة الجدوى».
لا يصبح الفرد إنساناً وشخصية إلا بمشاركته الفعالة في المعايير الثقافية التي وضعتها البشرية، وبمشاركته أيضاً في النشاط العملي. ويعلن شيلر أنه أصبح الوقت مناسباً لولادة الأنثروبولوجيا الجامعة، التي يمكنها أن تغدو الأساس الفكري لكل معرفتنا عن العالم؛ لأن سر الكون يكمن في الإنسان.
يرى شيلر أن كافة المشكلات المركزية في الفلسفة تُرد إلى مسألة: ما هو الإنسان؟ وما هي المكانة الميتافيزيقية التي يشغلها داخل كتلة الوجود والعالم؟ وهكذا فإن السمة المميزة للإنسان هي نزوعه نحو الإله، الذي يرتبط التصور عنه بالشعور بالقيمة العليا مطلقة. ومن هنا فإن شيلر يضع أربعة مبادئ يعتبرها أسساً لعلم الأخلاق هي: اللذة والحياة والروح والدين.
الإنسان الكامل لدى شيلر هو «قديس»، وصفاته موجودة في الإنسان كونه يعيش في المجتمع.
تبلورت أفكار شيلر في مؤلفه الأهم (مكانة الإنسان في الكون)، وقد حاول وضع مذهب يتجاوز المادية والمثالية، ولكنه بقي في حيز المثالية.
جاء في المعجم الفلسفي الألماني: «إن الأنثروبولوجيا الفلسفية نظرية فلسفية، ترتكز إلى أعمال ماكس شيلر، وتغطي الوجود البشري الواقعي كاملاً، وتحدد مكانة الإنسان في العالم المحيط وعلاقته به».
توفي ماكس شيلر عام 1928، في بلد كان يحاول تقوية نفسه من جديد، وينظر إلى أوروبا كاملة كتابع مستقبلي له.