تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الدراما السورية في ندوة: بســـــــــام كوســـــــا: رقابـــــــة المشــــــــاهد أكثــــــر خطــــــــورة

ثقافة
الأربعاء 29-7-2009م
لينا ريّا

في أجواء من الصراحة والتلقائية انعقدت ندوة «التنوير في الدراما السورية» .. على مسرح المركز الثقافي بجبلة في الثالث عشر من تموز،

والتي اندرجت ضمن فعاليات مهرجان جبلة الثقافي الخامس (10-14-تموز) ، والذي تقيمه جمعية عاديات جبلة، وبمشاركة كل من الكاتب والسيناريست والصحفي «نجيب نصير» والفنان والمخرج المسرحي والكاتب والنحات «بسام كوسا» وكذلك جاء التواصل ما بين جمهور جبلة والمشاركين عفوياً وصادقاً.‏

التنوير في الدراما‏

بدأ الحديث الكاتب «نجيب نصير» فقال: أعتقد أن الدراما التلفزيونية هي من المنتجات الثقافية التي تهم المجتمع كونها جزءاً أساسياً من الحياة، ففكرة التنوير بدأت ما قبل القرن الماضي وأدخلت مجموعة من الأسئلة وكان لها مجموعة من الممثلين، ودعت إلى منتج ثقافي يستطيع الارتقاء بالبشر، إلا أن فكرة التنوير التي تطرحها الدراما في بلادنا لا تأتي ببساطة ، فهذه الدراما مقارنة بالمنتجات الثقافية الأخرى لم تستطع أن تؤدي دورها بسبب الصراع الدائر بين التنوير والحالة التراثية التقليدية للمجتمع ، وأعتقد أن درامانا السورية لم تستطع أن تحافظ على هذه الثقافة التنويرية كوسيلة ارتقائية في المجتمع بسبب يتعلق بالشاطئ المغيب..‏

بدأت الدراما السورية أو العربية في زمن التلفزيون الأبيض والأسود مع طروحات معاصرة وطروحات تقدمية ، وبعد عشر سنوات من تأسيس تلفزيوننا السوري استطعنا أن نحصل على مجموعة من المسلسلات الجزئية، والتي تنتمي إلى حالة كسر التقليدي في حياتنا، وبعد عشر سنوات من هذه القفزة عادت إلى التقليدية وبدأت الدراما تبحث عن الممول الذي جاء عن طريق البترودولار العربي، الذي جعل الدراما مرة أخرى تعود إلى القيم التقليدية ، والتي يفرضها المال..‏

في ظل هذا الواقع بت أكثر تشاؤماً لمستقبل الدراما.. وبالنسبة لدرامانا السورية اليوم فهناك فورة كبيرة في الإنتاجية ولكن أعتقد أنها لم تحقق آمال مؤسسيها نتيجة خضوعها لمجموعة من القوى ، عملياً هذا الصراع مازال مستمراً بين هذه القوى والمنتجات الثقافية التي تبحث عن شاطئ أمان لها..‏

خطورة الرقابة الشعبية‏

الفنان بسام كوسا قال: لا أستطيع التكلم عن التنوير في الفن التشكيلي ولا في الدراما ، فهناك من هو أجدر مني في الحديث عن هذا الموضوع، وسأكتفي بعرض وجهات نظر بسيطة تتعلق بالدراما.‏

لا أعتقد أنه يمكن أن نكون مهزومين في كثير من الأشياء وننتصر في الدراما أو في باقي الفنون، وخصوصاً الفنون الجماعية، فدائماً الفنون التي تنتج عن الأمة تشبهها ، ونحن نصنع دراما تشبهنا وتشبه الناس كلهم، فعلى الرغم من وجود عيوب كثيرة في الدراما، ولكن على المستوى الذهني والفكري والإبداعي بالفنون الجماعية لا يمكن أن نقفز فوق المجتمع، ولكن في الفنون الفردية كالشعر والرواية والفن التشكيلي يمكن القفز إبداعياً.‏

وباعتقادي فإن المشكلة الأساسية في دولنا (دول العالم الثالث) دائماً الثقافية والفنون الأخرى لا تؤخذ بعين الاعتبار مؤسساتياً،، فروح الأمة مركونة جانباً، حيث نصف مكونات الأمة إذا اعتبرنا هذا تقسيماً تعسفياً- لا تؤخذ بعين الاعتبار.. فلماذا لا أعرف..؟!‏

من هنا يمكن أن نرى ماذا تقدم الدراما وما عيوبها ولماذا؟‏

وكيف نطورها؟ فخلال العشرين عاماً الماضية تقريباً يتم إنتاجها وتطويرها عن طريق القطاع الخاص، علماً أننا تربينا على أن ننادي بالقطاع العام ليس فقط لإنتاج هذه الدراما ، بل لحمايتها وطنياً، فكما قال الأستاذ نجيب نصير: هذه المهنة أصبحت مغرية بالنسبة للدول الممولة وتحديداً دول الخليج التي أصبح عندها محطات فضائية كثيرة، وتقدم التمويل لإنتاج عمل درامي سوري أخذت تفكر لماذا لا نقدم المال والأفكار وطبعاً هذا لا ينطبق على كل الأعمال.‏

وبذلك تصبح الدراما أمام خط أحمر وناقوس خطير جداً يتهددها من الأموال الممولة والتي تأتي معها الأفكار.. إذ لا يخفى على أحد أن هذه المهنة أصبحت مربوطة بالقرار السياسي ، بمعنى يصدر قرار سياسي عن بلد لمقاطعة عمل درامي ما فيقضي عليه قضاء مبرماً..‏

نحن في منطقتنا نسير في حقل ألغام منذ عقود عدة، وحتى الآن، وبالتالي الدراما السورية محفوفة بالمخاطر والمشكلات وفيها إيجابياتها وجمالها ومعجبوها، ولها سلبياتها، ففي داخل درامانا كتلة أسباب تطورها، وفي داخلها كل أسباب انهيارها، وهنا يكمن الصراع في كيفية تعزيز الجانب الإيجابي للدراما من أجل تطويرها، وأود الإشارة إلى أن من أوائل الأشياء التي يمكن أن تقضي على الدراما السورية، رقيب الشارع ورقيب المشاهد لأنهما الأكثر خطورة من الرقابة الرسمية، فإذا تابعنا مسلسل «ليس سراباً» أوجد مشكلة شعبية ، وليست رقابية ، بمعنى أن الشارع لم يتقبل زواج مسلم بمسيحية، وبالتالي يقودنا هذا إلى أن رقابة الشارع والمجتمع باتت أكثر خطورة من الرقيب الرسمي.‏

حـــــــوار.. وتواصــــــل‏

سجلت «الثورة» بعضاً من الحوار الدائر بين الفنان بسام كوسا، والكاتب نجيب نصير، وجمهور الندوة المهتم بالشأن الدرامي.‏

 قيل إن المشاهد رقيب خطير للدراما، فكيف تصلكم ردود أفعال هذه الرقابة، وهل تؤثر سلباً أم إيجابياً على العمل الدرامي؟‏

  الفنان كوسا : بعد عرض أي عمل درامي على شاشة التلفزيون، تحصل ردود أفعال أهلية، وهذا لا يعني أن الناس تخرج بمظاهرات، ولكن تصدر عنها وجهات نظر وحوارات، وعن طريق الاحتكاك المتواصل مع الناس نستطيع الوقوف عليها، ونعرف ماذا حقق هذا العمل أو ذاك، وطبعاً ليس كلنا مهتماً بذلك، فنحن لا ننجز العمل ونذهب لننام..‏

  الكاتب نصير: مع الارتقاء التكنولوجي والكثافة الإنتاجية أصبحت الرقابة الرسمية لطيفة وناعمة أمام الرقابة الاجتماعية الزاخرة بالخطاب الديني، فدائماً هذه الرقابة واقفة ومتنبهة إلى العصيان الذي يتم أمامها ويهمها، ويصل رأيها ليس لنا فقط عن طريق التماس الشخصي مع الناس، بل يصل رأيها إلى المنتج للوقوف على هذه الأعمال والموجود فيها مجموعة هذه العصيانات الرقابية الاجتماعية ، فإما يقرر إيقافها أو عرضها، ومن هنا أيضاً تصل الرقابة الاجتماعية إلى المنتج والمحطات الباثة للعمل ، فإما تشتري العمل أو لا ..‏

 أعتقد أننا محكومون بالهزيمة طالما أن البترو دولار لا يمكن أن تقف أمامه السماء، والصفقات تجري في الدراما وجميع الفنون الجماعية فأنا متشائم؟!‏

  الفنان كوسا: إذاً دعنا ننتحر.. أرجو ألا نختار ما يشبه الانتحار، دائماً هناك هدنة، ويجب أن نشتغل فهناك شيء قادم وهذه هي الحياة، وعزاؤنا الفن التشكيلي والرواية والشعر والإبداع فهم الذين يجعلون الحياة ممكنة، لذا ما يؤلمني أن أولي الأمر والمؤسسات المعنية لا تأخذ هذا الموضوع بعين الاعتبار ويقولون ماذا يعني فن، وانعكس ذلك على الشارع ، وأنا على احتكاك وثيق مع الناس لأنني لم آت سائحاً على هذه المهنة، ومن هنا أكتشف نقطة في غاية الأهمية، أنه هناك فرقاً أن تحب الفنان أو تحترمه.‏

ولكن كل همي أن تتحول علاقة المجتمع مع هذه المهن الإبداعية إلى علاقة احترام.‏

 نأمل أن تقدموا لنا بعض الأمثلة عن المسلسلات التي ترونها معبرة عن حالات التنوير، وأخرى تراثية؟‏

  الكاتب نصير: أعتقد أن مسلسلات التنوير أكثرها هي مسلسلات تاريخية، ولكن لا بد من الإشارة إلى أن قسماً منها يتميز بنظرة غير نقدية للتاريخ، ونظرة تمجيدية وعواطف ساذجة ، ونذكر مسلسلاً تنويرياً تاريخياً هو «الزير سالم» فهو عمل ينظر للتاريخ كحالة مكتملة المعرفة، ومن المسلسلات الاجتماعية التنويرية مسلسل «زمن الخوف» ، و«ليس سراباً» .. اللذان يثيران مجموعة من الأسئلة والحوارات في الحياة ، ومن المسلسلات التراثية التعتيمية مسلسل «باب الحارة» .‏

  الفنان كوسا: لا أحب أن أذكر أمثلة عن أسماء للأعمال ، ولكن الأسماء التي ذكرها نصير كان محقاً فيها، وبالتالي لا يمكن أن تطالب أي أحد بدراما معقمة لا شوائب فيها، فنحن نعمل بالنسبي ، وبالنسبة لباب الحارة ليس دراما تاريخية ، بل هو عمل اجتماعي فلكلوري يلقي الضوء على الناس في تلك الفترة.‏

لا أتنصل من أي عمل اشتغلت فيه، وللأسف الشديد أعمل بأفضل الرديء خلال العام.‏

 لاقت الدراما التركية نجاحاً جماهيرياً في سورية ، فهل أثر هذا على منهج درامانا كي تلاقي مثل هذا النجاح؟‏

  الكاتب نصير: الدراما التركية فيها من الميزات ما يتعلق بالتقنيات المحترفة ، وصورة الشخص المتميز فنياً، ولفتت الجمهور العربي مسألة الاحترام للمرأة، ومثل هذه المسائل تنقصنا، ولكن لاأتقاطع مع موضوعاتها مع تحفظي مع الجزء الفني والإبداعي .‏

  الفنان كوسا: أنا لست ضد أي مسلسل يأتي إلينا من أي بلد، ولكن عتبي على الذين جلبوا أسوأ الأنواع وظلموا الدراما التركية ، وبرأيي أن مجتمعاتنا متعبة وتريد التفرج على شيء مريح، فجاءت هذه الأعمال التي لا تقول شيئاً..‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية