أشكال متعددة للتنمر من ضمنها هذا المتنمر الذي يقتحم خصوصية الآخرين دون تقديم أي دراسة أو تحليل منطقي لما يريد تقديمه، فقط الاعتراض الشخصي أو الاعتراض على القضية المطروحة.. حيّز الخير والشرّ انتقل إلى العالم الافتراضي كما في الحياة العامة، والتنمر الالكتروني أكثر خطرا من التنمر التقليدي لأن انتشاره أكبر وأوسع ولا حدود مكانية أو زمانية له.
انتقل الكثير من المتنمرين إلى خارج حدود الوطن ولم تسلم منهم حضارته وثقافته وعلماؤه وشرفاؤه وأدباؤه، اتخذوا من التكنولوجيا الإلكترونية منابر للإساءة إلى كل المقدسات الوطنية.. ليست الشجاعة أن نجلس في عالم افتراضي ونقدم على الإساءة عمدا ونعمل على الإيذاء والعنف,لطالما قدمت الفنون والآداب بمختلف مستوياتها علاجا للروح وبالتالي الجسد، من هنا وجد العديد من متنمري العالم أن السبيل لغزو الأرواح والأجساد اقتحام الإدراك والوعي لدى المجتمعات وتشويه صور المعارف الإنسانية التي تتلقاها وتكتسبها عن طريق الحواس والإدراك الفطري المتعارف عليه من خلال ثقافة الشعوب وسلوكياتهم.
الاختراق يجد له سبيلا في العالم الافتراضي عبر التنمر الالكتروني العالمي الذي لا يخضع لأي مقاييس تعنى بالصواب والخطأ، بل تأتي الآراء الفردية والأحكام الشخصية الجزئية إضافة للأهواء والبيئة الحاضنة له ومكان تجميع المعارف المُراد بثّها وزرعها ضمن منظومة العالم الافتراضي، ومن ثم تقديمها رغم زيفها على أنها نمط من أنماط الثقافة لبيئتنا وللأسف تجد سبيلها وطرقها للتفاعل الحقيقي بين عامة الناس، ويكون انتشارها بسذاجة مشبعة بالذاتية...
الكثير منا يدرك تلك الحقيقة الموجعة بخاصة عند استعمالنا لمحركات البحث على الشبكة نجد العديد من المعلومات المغلوطة والمشوهة والتي يتم تداولها على أنها حقائق دقيقة ومثبتة، ويقوم الكثيرون بتداولها واستخدامها رغم خلوّها من كل الأحكام الموضوعية... فالتنمر الالكتروني سلوك متعمّد بطبيعته وله هدف محدد هو الإضرار بحقيقة وصدق ثقافتنا وحضارتنا وهويتنا، وأدواته سلوكيات الكثيرين في العالم الافتراضي..