وتكثر الفرص للتعبير عنه في كافة النواحي ..في الوقت الذي نسعى فيه لتنظيم جداولنا .. والتخطيط المستمر لمتطلبات الحياة ..وخاصة في الاجازات التي تتزاحم جنبا الى جنب مع متطلباتنا في روزنامة أعمالنا ..
من مناسبات .. التزامات ..ومواعيد مقحمة قد تتعارض مع مسؤوليات ومستوجبات حياتنا الخاصة .. فترهقنا وترهق أوقاتنا .. فلا نجد متسعا لأنفسنا كما نجده لمن حولنا إن تحدى هذا الواجب وقتنا واستهلكه ضمن ظروفنا ..وكيف يؤثرون أنفسهم على الآخرين ..وكأن مصطلح الواجب لم يمر عبر مفكرتهم ..؟
وماذا لو أضفنا عبارة « إن استطعت « دون أن يعقبها نظرات موعزة لأحد بعدم الرضا، تشعره بالذنب لو فكر بالتأخر عن الحضور ؟ وما الضير لو خففنا من ارهاقنا المتكرر لجداول الآخرين،واقحامنا لمناسباتنا،على الأقل غير المهمة بالنسبة لهم .. في جداولهم ..طبعا في كل ما سبق تكثر الحجج والأعذار والتهرب من قبل البعض ..
وتتحول إلى صيغة مبهمة ودائمة وكأنها من إحدى الشعارات المقتبسة للخروج إلى منتزه من المسؤوليات البراقة للواجبات الاجتماعية كواجهة «عمل الخير « ضمن اطار شعارات رنانة .. متناسيين احتياجات ما يحيطون بهم من أشخاص وأحباب كاحتياجات وأولويات أولوية .. باستثناء العمل الانساني الحقيقي طبعا..
فأكثر الناس يعيشون في نفوس الآخرين أكثر مما يعيشون في أنفسهم .. ويظل إرضاء الناس غاية لا تدرك .. لمن تشغله هذه الغاية ..ويفقد الهدف النبيل والسامي من هذه العلاقات تحت وطأة الضغوطات المتواصلة .. والمجاملات غير المنتهية ..إلى أن فٌقدت الكثير من الأمور الهامة .. كالاجتماع بالأسرة..الالتفاف على مائدة واحدة..أو التقارب والتحاور مع من هم حولنا .. ممتدة كعدوى إلى جميع المرافق الخاصة والعامة ..
يقول أحد الكتاب : « إن الذين اعتادوا الموافقة على القيام بأشياء لا يريدون القيام بها في حقيقة الأمر يتمنون لو يعرف الآخرون أنهم غير سعداء ،وأنهم اضطروا للموافقة لأنهم يريدون أن يتجنبوا الصراع ..»في حقيقة الأمر يمكن القول .. إن كل ما سبق قد دفع بالمجتمع إلى التفكك والتباعد ضمن الأسرة الواحدة للأغلبية ..منتقلا إلى المجتمع كله .. مع واجبات متهربة هنا وهناك ..
فما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب .. وهذا ينسحب على الكثير من القضايا التي تمت للمسؤوليات المجتمعية بصلة كانت خدمية أم اصلاحية ..تتباعد فيها الواجبات ضمن سلسلة من الأعذار الواهية .. وضمن مصالح لا تنتهي قيمتها .. دون أن ننظر بعين المجاملة لما يحدث من تجاوزات .. ويبقى خير الكلام ما قل ودل عن الحقوق والواجبات الذي ينبع من جذور متأصلة لأصحاب شأن كثر .. لحقوق ليست وليدة اللحظة ..تصاعد وازداد ضجيجها إلى حد الصراخ ..
ولم يقف على الواجبات العائلية بل تعداها إلى الواجبات الخدمية ضمن سلسلة مترابطة تسمى الواجب .. فلا أعذار عند متقلدي وسام المسؤولية فيما يتعلق بواجباتهم المنوطة تحت أي مصلحة كانت في ظل ظروف نحتاج بها للتكاتف والمساندة قدر الإمكان ..! فلماذا نبتعد بالمرمى وندعي عدم اصابتنا الهدف ..؟ ولماذا نتناول الأدوية المهدئة طالما العلاج موجوداً دوما ..؟ولماذا نعامل بعضنا بهذه القسوة ،طالما نفهم بالواجب ونحترمه ضمن شعارات بروتوكولية دائمة..؟
ففي وقفة صريحة ومتأنية مع النفس نستطيع بها أن نعقد مقارنة ومقاربة صادقة بين الحديث عن الحقوق والواجبات في القدر الذي نكون به متساوين في شعارات الوطنية في ظل وقت محتوم علينا التمسك فيه بالواجب مهما كان .. وفي قدر من الانتماء للمحيط الذي يفرض على الجميع القيام بالواجب بكل احترام ووفاء وعدالة ..