كان الأقيشر هذا يحب ابنة عم له تدعى (الرباب) ويتحرق شوقاً للزواج منها، لكن والدها أبى إلا إذا دفع المغيرة مهراً قدره عشرة آلاف درهم لم يكن يملك منها درهماً واحداً، وقد رده أهله عندما رجاهم أن يساعدوه، وقد هداه تفكيره إلى أن يسأل العون من «ابن رأس البغل» الثري المجوسي، فأعطاه هذا الصداق المطلوب، فرأى الأقيشر أن يمدحه بقصيدة تنم عن الشكر، لكنها تضمنت قدحاً بالغ الظرف، وفيها يقول:
كلفاني المجوسي مهر الرباب
فدى للمجوسي خال وعم
شهدت بأنك رطب المشاش
وأن أباك الجواد الخضم
وأنك سيد أهل الجحيم(!)
إذا ما ترديت في من ظلم
تجاور (قارون) في قعرها
وفرعون، والمكتنى بالحكم
«والحكم هو أبو جهل، ورطب المشاش: الكريم »
فلما عاتب المجوسي الأقيشر على هذا الجزاء وهو الذي فك ضيقه أجابه:
أو ما ترضى أنني جعلتك مع الملوك، وفوق أبي جهل؟!