|
مدخرات لاتجد طريقاً للاستثمار .. المدخرات 1000 مليار ليرة والتوظيفات 70 ملياراً دمشق وكلنا نعلم أن لدى المصارف العامة والخاصة مدخرات تقدر حسب مسؤولين حكوميين بنحو 1000 مليار ليرة تنتظر الاستثمار والسؤال المطروح كيف يمكن لنا توظيف هذه المدخرات لخدمة الاقتصاد؟ الدكتور حسين الفحل رئيس قسم الاقتصاد في كلية الاقتصاد يرى أن الواقع الاقتصادي يفرض مجموعة من المعطيات والسياسات التي يجب أن تنتهج لمعالجة هذا الواقع ومنها السياسات النقدية التي يجب أن تتوافق مع واقع وتوجهات السياسة العامة والاقتصادية منها حتى تتم الاستفادة من كافة مقومات الاقتصاد الوطني خدمة لتجاوز المشكلات والازمات ومن هذه الامكانات المدخرات الوطنية التي يمكن توجيهها عبر استخدام أدوات السياسة المالية والنقدية معاً في الاتجاه الصحيح ولكن الواقع يشير الى أن هناك مدخرات وطنية موجودة لدى المصارف ولا تجد طريقها للاستثمار بفعل عوامل أخرى معيقة منها الروتين والفساد وكذلك الواقع الاقتصادي الوطني والاقليمي والدولي، فضلاً عن ضعف القدرة الشرائية للأفراد بسبب تدني الأجور والرواتب ومعدلات التضخم وتزايد حجم الانفاق الاستهلاكي على السلع الضرورية التي لا يستطيع كل الناس الحصول عليها بسبب زيادة نفقات سلة الغذاء. جادة ولكن ويشير الفحل الى أن الجهات المعنية لا شك أنها جادة في معالجة هذا الموضوع وخاصة بالنسبة للودائع لدى المصارف العامة والخاصة بفتح فرص استثمارية عن طريق اصدار أذونات الخزانة وإن كانت هي إحدى أدوات السياسة النقدية إلا أن الخوف من عدم توجيهها الى استثمارات حقيقية وابقائها لدى البنك المركزي. فمن الضروري البحث عن وسائل أخرى من خلال تشجيع الاستثمار و إزالة معوقات الاستثمار خاصة أن الفرص الاستثمارية أصبحت متاحة مع فتح سوق الأوراق المالية وتوسيع وتشجيع شركات الأموال التي تعبئ المدخرات الصغيرة وتوجيهها للاستثمارات المباشرة واضافة الى ذلك المطلوب تطبيق مبادئ الحوكمة على كافة المشاريع والمؤسسات العامة والخاصة. خلل أما الدكتور أكرم الحوراني فيتحدث عن هذه المسألة بالأرقام ويقول: منذ عدة سنوات كانت نسبة الادخار الى الدخل القومي بحدود 20٪ وهي ثابتة على عدة سنوات وهذا يعني أن توزيع الدخل القومي لم يتطور باتجاه نصيب أكبر لذوي الدخل المحدود، الذين يستهلكون نسبة أكبر من دخلهم بالمقارنة مع أصحاب الدخول المرتفعة أو أصحاب الأعمال. ومع ذلك فإن المدخرات التي توجهت الى المصارف السورية العامة والخاصة تقدر حسب السيد وزير المالية بنحو 1000 مليار ليرة سورية منها نحو 700 مليار متاحة للتوظيف في حين أن التوظيفات الحقيقية لم تتجاوز 70 مليار ليرة حسب تصريح السيد حاكم مصرف سورية قبل ثلاثةأشهر وهذا يدل على وجود خلل ما في سياسات التسليف رغم تخفيض سعر الفائدة عدة مرات ويرى الدكتور الحوراني أن هذه الأداة لم تحقق الهدف منها وهو زيادة التسليف لكافة القطاعات وبالبحث عن الاسباب تظهر مجموعة كبيرة منها أولاً: المناخ الاستثماري والبيئة الاستثمارية العامة واستمرار بعض العقبات الادارية وسياسات الانفتاح التجاري المتزايدة والتي تؤثر على القدرة التنافسية للمنتج السوري وبالتالي على الاستثمار وخاصة الانتاجي في الصناعة والزراعة، اضافة الى ضعف الطلب العام الناجم عن ضعف دخول الشريحة الواسعة من المواطنين ذوي الدخل المحدود الذين يعيلون نحو 75٪ من أبناء سورية بينما حصتهم من الدخل القومي لا تتجاوز 30٪ وبالتالي فإن ضعف الطلب لا يشجع على الاستثمار وبالتالي على الاقتراض لغايات الاستثمار وهذا ما نلاحظه جلياً من خلال تركز التسليفات مؤخراً على القروض الشخصية الاستهلاكية وقروض السيارات والعقارات اضافة الى ذلك تظهر وتستمر وبشكل دائم مشكلة الضمانات التي تطلبها المصارف ومعظمها ضمانات عقارية ترفع تكلفة الاقتراض من جهة وتركز الاستثمار في القطاعات الريعية العقارية التي تكون الضمانة جزءاً منه، وهي العقارية ويفضل الانتقال تدريجياً الى قبول ضمانات أخرى منها شخصية تعتمد على السمعة والتزكية والتاريخ الاقتصادي للشخص. ولتشجيع التسليف وبالتالي النمو وتحريك المدخرات لا بد من اتباع سياسات تسليفية متطورة يقودها البنك المركزي وتنفذها المصارف تحت غطاء التنمية الحقيقية والتي لابدمنها لدفع النمو وتخفيض البطالة والفقر.
|