بعد إحداث مكاتب التشغيل في المحافظات في عام 2001 التابعة مباشرة إلى وزارة العمل فإن أهم إضافة قدمتها هذه المكاتب هي الفساد، فتم من خلالها معالجة الفساد في التعيين بفساد أكبر، المشكلة أنك تحتاج في أي عمل إلى حجر زاوية تتحمل كل الصدمات وخاصة في العمل العام وبالذات، مسألة التعيين، فأصبحت هذه المكاتب عقدة المنشار في ذلك.
الوساطة الحكومية
كان عام 2001 شيئاً مختلفاً عما سبقه في النظرة إلى هذه المكاتب، واليوم أيضاً الرؤية اختلفت، ويأتي البلاغ الجديد الصادر عن السيد رئيس مجلس الوزراء باعتماد معايير جديدة للترشيح من هذه المكاتب لشغل الوظيفة العامة إضافة جديدة في عمل هذه المكاتب وحتى في عمل الوساطة الحكومية للجمع بين قوة العمل والطلب العام عليها.
قبل كل شيء من الضرورة القول إن هذا البلاغ يحتاج إلى الجهد والشرح والتمويل حتى يحقق الغاية المرجوة منه.
مقابل ذلك فهو خطوة متقدمة استبدلت معايير قديمة تم التسجيل فيها في مكاتب التشغيل، اعتمدت على القوة الجسدية في الوصول إلى شباك الدور المنتظر للعمل والذي لم يأت حتى الآن.
المعايير الجديدة
ركزت المعايير الجديدة على معدلات التخرج في الجامعات والمعاهد المتوسطة وعلى درجات الشهادتين الثانوية والإعدادية إضافة إلى ركيزتين رئيسيتين، هما اللغة ودرجة إتقانها ومهارة العمل على الحاسوب، ويبدو من البلاغ أنها شروط واجبة على الجهات العامة. أما ما يتعلق بالعمالة المهنية فالخيار مفتوح أمام الجهات العامة بجواز الحصول على مستويات علمية أولاً.
أيضاً البند الثالث في البلاغ نص على تشكيل لجنة مركزية في وزارة العمل تضم وزارات التعليم العالي والتربية والصناعة والاتصالات والجمعية السورية للمعلوماتية تكون مهمتها وضع معايير وأسس لتقييم مستوى ودرجة إتقان اللغات الأجنبية ودرجة إتقان الحاسوب، إضافة إلى تقييم واعتماد شهادات الخبرة الصادرة عن القطاع الخاص وفق ضوابط ومعايير محددة.
وهذه من المسائل المفتوحة التي تعمل عليها وزارة العمل حالياً بالتعاون مع الوزارات الأخرى.
فاقد الشيء
التحدي الأبرز أمام وزارة العمل يفرضه البند السادس الذي ينص على أن تقوم وحدة الترشيح المركزية بتحديث بيانات المسجلين لديها وفقاً لأسس الترشيح الجديدة وقبل تنفيذ عملية الترشيح، وهنا ينطبق المثل القائل إن فاقد الشيء لا يعطيه، لأن كوادر مكاتب التشغيل في المحافظات لا تملك المرونة والكفاءات لتنفيذ هذا البند وأول ما يجب دعم وتطوير هذه المكاتب بشرياً وتقنياً.
فاقد القدرة عاطل
البند الأخير يقول: تكلف الهيئة العامة للتشغيل وتنمية المشروعات بإعداد المسجلين وفق معايير وأسس تضعها اللجنة المركزية المشكلة في الوزارة بالتنسيق مع الهيئة وذلك في مجال اللغة أو الحاسوب أو المهنة، ضمن برنامج التدريب لأجل التشغيل المضمون بعد تخصيص موارد مالية خاصة بذلك.
باعتقادنا أن هذا البند هو أهم ما في البلاغ، لأن التعريف الحقيقي للعاطل عن العمل ليس من لا يملك فرصة عمل بل من لا يملك القدرة على العمل أو مهارة العمل وصولاً إلى الكفاءة والإبداع.
الدور الحكومي
هيئة التشغيل جهة حكومية مستقلة تعمل على موضوع التأهيل من أجل العمل المضمون منذ فترة، لكن المشكلة أن «الميت لا يحمل ميتاً» فهذه الهيئة تحتاج إلى الكوادر وخاصة في المحافظات من أجل تقديم الدعم التدريبي لطالبي فرص العمل وقد لا يكون ذلك متعذراً بالتعاون مع المؤسسات التعليمية السورية ومع القطاع الخاص، يعني الموضوع يحتاج إلى الخطوات الجادة.
احتمالات مفتوحة
إذاً بلاغ السيد رئيس مجلس الوزراء طموح لكن كل بند فيه يحتاج إلى العمل سواء من وزارة العمل أو من طلاب فرص العمل، وهو إذا لم يتم ضبط العمل فيه جيداً فسيكون باباً جديداً للفساد، ومكاتب تشغيل لم تتعلم سوى أساليب الالتفاف على أي قرار حتى إن الإعاقة لم تسلم من فساد هذه المكاتب.
النقطة الأخيرة:
التوجه الجديد يضع الجهات العامة أمام مسؤولياتها في تحديد فرصة العمل التي يحتاجونها، لا نستبعد أن يتم طلب خريج حقوق لعمل بصفة «سائس خيل».