تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


فنزويلا شافيز..نبع إلهام ينهل منه الجميع

عن موقع : لو غراند سوار
ترجمة
الأربعاء 13-3-2013
ترجمة : سراب الأسمر

لقد كان الرئيس هوغو شافيز أكثر الرؤساء عرضة للإساءة ، فقبيل الانتخابات الرئاسية الماضية في فنزويلا في السابع من تشرين الأول الماضي تزايدت الإساءات إليه ، فقد أبدى أعداء الثورة البوليفارية استياءهم أمام نجاحه في الحملة الانتخابية ،

فيما يفترض أن يحكم على أي زعيم سياسي من خلال أعماله وليس تبعاً للشائعات المحاكة ضده . فالمرشحون عادة يقدمون وعوداً ليتم انتخابهم وقليلون الذين ينفذون ما يعدون به عند نجاحهم أما وعود شافيز الانتخابية فقد كانت واضحة منذ البداية ، إذ عمل لصالح الأكثرية في بلاده : الفقراء : ووفى بوعده .‏

آن الأوان لنذكر ما الذي كان على المحك في تلك الانتخابات حين ذهب الشعب الفنزويلي للتصويت . فنزويلا دولة غنية جداً في ثرواتها الباطنية وبشكل خاص النفط والغاز ، لكن أغلب هذه الثروات كانت تحت قبضة النخبة الحاكمة والشركات المتعددة الجنسيات ، حتى عام 1999 لم يكن يحصل الشعب إلا على الفتات ، فالحكومات التي تتابعت الواحدة بعد الأخرى ـ الديمقراطيون المسيحيون ، والاشتراكيون الديمقراطيون ـ كانت حكومات فاسدة وتخضع للسوق وخصخصت كل شيء ، فأكثر من نصف الفنزويليين كانوا يعيشون تحت حافة الفقر حيث وصلت نسبة الفقراء إلى 70,8% عام 1996. إلى أن جاء شافيز ووضع الإرادة السياسية في موقع الطلب ، حرك الأسواق ، وأوقف الهجوم الليبرالي الجديد ، ثم وبفضل المشاركة الشعبية أعاد ملكية قطاعات الاقتصاد الاستراتيجية للدولة . واستعاد السيادة الوطنية ، ثم أعاد توزيع الثروات لصالح المرافق العامة .‏

فقد عملت سياسته على عدة أمور بدءاً من : السياسات الاجتماعية ، استثمارات عامة ، تأميم ، اصلاح زراعي ، العمالة الكاملة ، الحد الأدنى للأجور ، التزامات بيئية ، حق السكن والطبابة والتعليم ، انتهاءً بالتقاعد ... كما التزم شافيز ببناء الدولة الحديثة . وباشر بسياسة طموحة في تنظيم الطرقات : شق الطرقات ، السكك الحديدية ، الموانئ ،السدود ، خطوط أنابيب الغاز وخطوط أنابيب النفط . أما فيما يتعلق بسياسته الخارجية ، فقد ركز على التكامل بين دول أمريكا اللاتينية ومنح امتيازاً لمحاور دول جنوب أمريكا ، في حين فرض على الولايات المتحدة نوع العلاقات القائمة بينهما وهي علاقات تقوم على أساس الاحترام المتبادل .. حماسة فنزويلا قادت إلى موجة من الُثورات التقدمية في دول أمريكا اللاتينية ، وجعلت هذه القارة أمثولة لجزيرة المقاومة اليسارية في وجه أضرار الليبرالية الجديدة . إن إعصاراً من التغييرات كهذه بدلت تماماً تركيبات السلطة التقليدية في فنزويلا واعادت بناء مجتمع من حالة هرمية إلى حالة نخبوية . فحملت هذه السياسة كره الطبقات المسيطرة لشافيز إذ كانت مقتنعة أنها المالكة الشرعية للبلاد ، هذ الطبقات ذاتها بالتعاون مع حُماتها من واشنطن مولت حملات كبيرة بهدف الإساءة لشافيز ووصلت في مساعيها ـ بالتعاون مع وسائل الإعلام الكبرى التي تمتلكها ـ إلى إحداث انقلاب حكومي في 11 نيسان 2002 ، واستمرت هذه الحملات حتى اليوم بالتعاون مع بعض القطاعات السياسية والإعلامية الأوروبية في تكرار اعمالها القذرة . مع كل أسف إن ما تقوم به ما هو إلا دليل على نفوس ضعيفة تعتقد أن شافيز كان يجسد « نظاماً ديكتاتورياً يفتقر إلى حرية التعبير » .‏

لكن الوقائع تثبت غير ذلك . هل رأيت يوماً « نظاماً ديكتاتورياً » يوسع دائرة الديمقراطية بدل الحد منها ؟ ! أو أنه يمنح حق التصويت لملايين الناس المحرومين من حمل بطاقة انتخابية سابقاً ؟ ! الانتخابات في فنزويلا كانت تجري كل أربع سنوات بينما في عهد شافيز كانت تتم سنوياً ، ضمن شروط الشرعية الديمقراطية التي تعترف بها الأمم المتحدة ، الاتحاد الأوروبي ، الولايات المتحدة ومركز كارتر ، فقد أثبت شافيز أن الاشتراكية تبنى ضمن إطار الحرية والديمقراطية ، كما جعل منها شرطاً لتطوير التغيير الاجتماعي ، وأثبت احترامه لقرار الشعب بتخليه عن إصلاح دستوري رفضه الشعب إثر استفتاء تم عام 2007 ، فليس من قبيل المصادفة أن تتصدر فنزويلا قائمة الدراسة التي نشرتها مؤسسة النهوض الديمقراطي ( فوند يشن فور ديمو كراتيك ) الكندية عام 2011 بأن فنزويلا الدولة الأولى التي تحترم الحق الانتخابي . فقد خصصت حكومة هوغو شافيز 43،2% من موازنتها للسياسات الاجتماعية ، والنتيجة : انخفاض معدل وفيات الرضع إلى النصف ، القضاء على الأمية ، ارتفاع عدد المدرسين في المدارس إلى خمسة أضعاف ( 65000إلى 350000 ) .‏

وصنفت الجماعة الاقتصادية لدول أمريكا اللاتينية والكاريبي ـ في تقريرها الصادر في كانون الثاني 2012 ـ فنزويلا والإكوادور الدول الأقل فقراً بين عامي 1996 ـ 2010 بين دول أمريكا اللاتينية . كما صنف المركز الأمريكي للاستبيان غالوب دولة هوغو شافيز الدولة السادسة « الأكثر سعادة في العالم » .‏

أما الشيء الفاضح في حملة الإساءة هو ادعاؤها بتراجع حرية الرأي في فنزويلا . الحقيقة أن القطاع الخاص المعادي لشافيز يسيطر على وسائل الإعلام بشكل كامل ، وبإمكان الجميع التأكد من هذا الأمر ، فمن أصل 111 محطة تلفزيونية هناك 61 محطة خاصة ، و37 محطة مشتركة بينما 13 محطة عامة ، ومستمعي المحطات العامة يبلغ 5،4% فيما يتجاوز متابعي المحطات الخاصة ال 61% .. ونفس الأمر بالنسبة للراديو . كذلك تسيطر المعارضة على 80% من الصحافة المطبوعة ، وأكثر صحيفتين مقروءتين اليونيفرسال والناشيونال وهما معاديتان للحكومة .‏

أين يمكننا أن نجد نظام كامل ( دون عيوب ) ؟ لا شيء يبرر حملات الأكاذيب والحقد . تعتبر فنزويلا الجديدة نقطة انطلاق موجة الديمقراطية التي كسحت الأنظمة الأوليغارشية ( حكم جماعة صغيرة نافذة همها الاستغلال ) ....‏

فنزويلا البوليفارية هي نبع إلهام الذي ننهل منه بوعي تام . نحن نفخر لكوننا إلى الجانب الخيّر ولاحتفاظنا بتوجيه ضرباتنا إلى الولايات المتحدة الشريرة وواجهاتها التي يحميها بعض دول الشرق الأوسط حيث يسود المال والامتيازات. لماذا أراد أعداء شافيز النيل منه ؟ دون شك لأن بوليفار استطاع أن ينتشل شعبه من الانقياد ، ومنحهم الرغبة لنيل المستحيل .‏

 بقلم : جان لوك مليونشون - إغناسيو رامونيه‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية