تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


منافذ الأسئلة

ثقافة
الأربعاء 13-3-2013
عبدالكريم الناعم

- 1 - أن تكون (معارِضاً) فذلك يعود لقناعاتك، كما أنّه حقّك، والمعارضة ، كظاهرة، شأن من شؤون الفاعليّة الإجتماعيّة، في العصور الحديثة، ولا شكّ أنّها تحمل ملامح زمنها، وبيئتها، ففي أزمنة الحكم المطلَقة،

التي لم تعرف التّنظيمات السياسيّة، غالِباً ماكانت المعارضة تودي بصاحبها حين تظهر، فإمّا أن يُقتَل صاحبها بأمر من السّلطان، أو يُسجَن حتى يموت، أو يُدسّ له السمّ في الطّعام حين يريد الحاكم أن يحافظ على مظهر التّسامح!! ومشهورة جملة معاوية بن ابي سفيان في هذا المجال حين قال:» إنّ للّه جنوداً من عسل»، وما من شكّ أنّ أرقى أشكال المُعارضة البنّاءة هي التي اتّخذت صيغة تشكيل أحزاب تدعو الشرائح الإجتماعيّة إلى مباديء وشعارات، مدارها الشأن العام، وقد أخذت معظم دول العالم بهذه الصّيغة، بيد أنّ هذه الصّيغة تختلف، من حيث الحضور والفاعليّة، بين بلد وآخر، فهي في رقيّها، وفي آليّات مسارها،ليست واحدة، فليست الدّيموقراطيّة في السّويد مثلاً، هي ذاتها في البلدان الطّامحة للنموّ،لأنّها مرتبطة جذريّاً بدرجة الوعي، والتّطوّر الإجتماعي، في هذا السّياق لابدّ من التّفريق بين (المعارضة)، و(المعاداة)، (المعارضة) تعني ضمناً قبول الاخر، والتّفاعل الإيجابي لِما فيه خير الوطن،‏

(المعاداة) إعلان قطيعة، وإشهار حرب، فإمّا أن تكون مثلي، وكما اريد، وإلاّ فأنت عدوّ، وقد عبّر عن ذلك الرئيس الأمريكي بوش الإبن أبلغ تعبير:» مَن لم يكن معنا فهو ضدّنا»، وهو شعار التشدّد والتّطرّف، ليس في السياسة وحدها بل حتى في بعض العقائد، ويكفي أن يُرفع هذا الشعار حتى يكون إعلان قتل، وتصفية، .. «إنْ لم تكن مثلي قتلتُك»،!! والرّياح العاصفة التي هبّت في الوطن العربيّ ليست نسيم الديموقراطيّة كما يزعمون، بل هي عواصف الدم، ومع الدم ليس ثمّة ديموقراطيّة، بل المجازر، والحرائق، والدّماء، وهو الهدف المُضمَر للقوى التي أوقدت تلك النّيران، ونفختْ فيها، وأرجو ألاّ يُفهَم أنني أدافع عن أيّ طغيان، أو خلل، أو فساد، كما أنّني لستُ مخدوعاً بذلك التّسويق الغربي الإستعماري، فنحن أمّة العرب لنا وضع شديد الخصوصيّة، لأنّ معظمنا لم يستقلّ بعد، ولن نستقلّ مادامت إسرائيل تحتلّ ارض فلسطين، وأيّة رؤية خارج هذه الرؤيا هي رؤية قاصرة، أو متعامية، وأثر الفعل الصهيوني واضح في معظم القصور الحاكمة، وهذا يوجب على جميع القوى السياسيّة الفاعلة أن تجعل من هذه الرؤية سمْتاً لها، وهانحن نرى كيف أنّ الرسميّين العرب حين انحرفوا عن سمْت تحرير فلسطين،.. انخرطوا في لعبة التّسويات الضالة، والتّنازلات المذلّة، والتّمريرات المشبوهة، ومعظم مايجري فوق أرض العرب هو من نواتج وجود هذا الكيان،‏

- 2 -‏

ثمّة فرق بين (التّعدّد) و(التّشتّت)، في التّعدّد نفترض حالة من الإختيار الواعي، والبرامج الإجتماعيّة الوطنيّة القوميّة، ووقد نفترق نظريّاً في جزئيّات لاتمسّ جوهر معرفة كيف يُبنى الوطن، أمّا (التّشتّت) فهو الحالة الغالبة على الساحة العربيّة، وهو تشتّت يبدو واضحاً في أطياف المعارضة، حتى لكأنّ هذه المعارضة متّفقة على شيء واحد هو إسقاط (النّظام)، وهذا أمر خطير، لأنّه يُفصِح عن أنّ المطلوب الأوّل والأخير هو إزالة النّظام، أمّا مابعده، والذي لم يجر الكلام فيه، فيمكن استنتاجه من مواقع الإستناد والدّعم، فإذا كانت تركيّا حزب أردوغان هي الحاضنة، والمال السعودي والقطري هو المدد، والسلاح الغربي والصهيوني هو العتاد، فهذا يعني أنّنا نعرف سلفاً إلى أين يريدون الذّهاب، وهكذا في كلّ تحليل، إذا أردنا أن نكون منصفين، ملتزمين بالدّقّة، نجد أنفسنا مرّة أخرى نقف على بوّابة فلسطين،‏

- 3 -‏

مازلنا في دائرة الحَدَث، ولكي نكون على بصيرة في التّقييم، من المهمّ طرح عدد من الأسئلة الصّغيرة التي تُنبيء عن الكمائن الكبيرة،‏

في بداية التّظاهرات التي زعموا إنّها سلميّة، وأنّ (النّظام) هو الذي استدرج الرّصاص،في البداية،.. فجأة امتلأت الشوارع والسّاحات بالعلم السوري الذي كان قبل أيام الوحدة، أفلا يدلّ هذا على أنّ ثمّة قوى منظَّمة، وثمّة تمويل، وثمّة من يدير اللّعبة؟ ثمّ لماذا لم يُرفع علم البلاد الحالي، وهل جاء مصادفة أن يُرفع في ليبيا العلم الذي كان أيّام الملَكيّة؟‏

قيل في البداية لاوجود للمسلّحين، وأنّ النّظام هو الذي يقتل، ومن ثمّ بدأت المواجهة، وظهرت الأسلحة، الآن وقد تكشّف مالدى هذه المجموعات من سلاح، بتعدّد مصادره، وأنواعه، مضافاً إليها دعوة المعارضة إلى التدخّل الأجنبي، عدا بعضها،هل ثمّة مَن يشكّ أنّ الأمور قد أُعدّ لها من الخارج، وكانت قد شكّلت خلاياها في الدّاخل؟‏

الأنفاق المحفورة، والمستشفيات الميدانيّة الكثيرة، هل هي بنت وقتها؟‏

إنّ هذا كلّه يدلّ على أنّ المؤامرة قد هُيّئتْ من الخارج، وأن قوّتها الأولى هي بيد جماعة الأخوان، وليس مصادفة أن يحدث هذا المثول لهم في أكثر من بلد عربي، وعبر منظور مذهبيّ ضيّق، مآله، إذا تمكّن من السّلطة، أن يفتح نيرانه على إيران، لتصبح المعركة سنيّة شيعيّة، وهذا يدفعنا لطرح السؤال مرّة أخرى: مَن المستفيد الأوّل؟‏

مرّة أخرى نجد أنفسنا على أبواب فلسطين،‏

- 4 -‏

لنتوقّف قليلاً عند بعض أفعال (المعارضة)، هذا إن اتّفقنا على أنّ بعض من نعنيهم يستحقّون هذا الاسم،‏

إنّ الذين يكون من صميم عملهم تدمير البُنى التّحتيّة، من منشآت عامّة، وجسور، ومعامل، ومراكز للدّولة، ومحطّات القطار، ومدارس، ودوائر رسميّة،... مَن يفعل ذلك هو مخرّب، وليس معارضاً،‏

لقد قاتل الإيرلنديّون طويلاً، ولكنّهم لم يدمّروا البُنى التّحتيّة التي هي ملك للشعب، وبُنيت بأمواله،‏

إنّ منطق التّدمير، وسياسة الأرض المحروقة، وإراقة الدّماء البريئة، هو في جوهره فعل استعماري، تلمودي، عرفه الفيتناميّون على يد الأمريكان، وذقنا مرارته في فلسطين المحتلّة، وأبْصرنا نيرانه مع أهلنا في العراق مع الإحتلال الأمريكي، وبعده، وهانحن أمام الفعل ذاته يقوم به هؤلاء الإرهابيّون، ومرّة أخرى نجد أنفسنا على بوّابة فلسطين،‏

- 5 -‏

عدد من الأسئلة السّريعة، المعروفة الجواب عند أهلها:‏

- من الذي يموّل هذه العصابات المسلّحة المرتزقة، نسال لأنّنا حين نعرف مَن الذي دفع للزّمّار، نُدرك أنّه سوف يطلب اللّحن الذي يريد،‏

- يخطفون، ويسرقون، ويحرقون كلّ ماتصله النّار، ويسطون على أموال النّاس، ويمسكون البعض رهائن حتى تُدفَع الفدية، تعذيب، وقتل، وتقطيع، وذبح على الهويّة،.. مِن أين جاءت هذه الثقافة، التي لم نعرفها من قبل؟!!‏

- هل تذكّروا كيف تعامل رسول الرّحمة(ص) مع أسراه؟ لقد طلب منهم أن يعلّموا الأبناء الصّغار، وكان ذلك فديتهم، أي جعل منهم معلّمين، وأخرجهم من دائرة القتل،‏

- الذي يعارض ، ويدعو الأجنبيّ للتدّخل ماذا يسمّيه النّاس؟‏

أظنّ أنّ أيّ عاقل عليه أن يبحث الآن عمّا يوقف شلالات الدمّ، لاأن يتجمّد عند سؤال محشوّ بديناميت الإنحياز، مفاده: مَن الذي بدأ؟، وهو تساؤل ملغوم، وليس فيه شيء من البراءة،‏

كونوا على ثقة أيّها السّادة أنّهم هم الذين بدؤوا، لأنّ مَن يعدّ كلّ تلك الإعدادات، في كلّ حيّ من أحياء حمص، وفي مراكز القرى،ويتدرّج في المطالب، والسّلاحُ غير خفيّ في يده، شاهدناه بأعيننا، وسمعنا أصوات رصاصه وهم يهاجمون مواقع حفظ النّظام، .. مَن يفعل هذا هو الباديء، غير أنّ المفاجأة كانت أنّ حساب الحقل لم يُطابق حساب البيدر...‏

aaalnaem@gmail.com

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية