وحول العدوان على لبنان وانتهاكات الكيان الإسرائيلي لقواعد القانون الدولي التقت الثورة الدكتور رضوان الحاف أستاذ القانون الدولي في كلية الحقوق بجامعة حلب وكان الحوار التالي:
> ما موقف القانون الدولي من العدوان الإسرائيلي الغاشم على لبنان الشقيق?!
>> بداية لا بد لي من الإشارة الى أن هذا العدوان الوحشي الإسرائىلي على لبنان,والمدعوم أميركياً,لم يكن بسبب الجنديين الأسيرين لدى المقاومة اللبنانية كما حاولت حكومة ايهود أولمرت أن توهم العالم,بل كان عدواناً بيتته إسرائىل منذ زمن بعيد للقضاء على المقاومة وتحقيق أطماعها التوسعية في جنوب لبنان,وتنفيذ ما عرف بخطة (آيلاند) رئيس ما يسمى بمجلس الأمن القومي الإسرائيلي.
وقصة هذه الخطة تبدأ في ربيع 2005 عندما عرض الجنرال المذكور خطوطها العريضة على الإرهابي ارئيل شارون الذي كان يرأس الحكومة الإسرائيلية,ثم عاد وعرضها مؤخراً على ايهود أولمرت وتضمنت عدة نقاط أهمها تفكيك سلاح المقاومة عبر القضاء على حزب الله وذلك على مرحلتين الأولى إبعاد عناصر الحزب الى شمال نهر الليطاني بعد تدمير البنى التحتية لمناطق الجنوب اللبناني والثانية نشر قوات فصل دولية في هذه المناطق لضمان الأمن الصهيوني وتشكيل هيئة للتنسيق الأمني المباشر بينها وبين إسرائىل.
ويأتي العدوان الإسرائيلي على لبنان اليوم لتحقيق جملة من الأهداف ومنها ما تضمنته الخطة المذكورة,وهذا العدوان غير قانوني وغير مبرر من وجهة نظر قواعد القانوني الدولي فهو لا يستند الى ما يقرره هذا القانون اطلاقاً حيث تنص المادة الثانية (الفقرة الرابعة) من ميثاق الأمم المتحدة على أنه:(يمتنع أعضاء الهيئة جميعاً في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأية دولة أو على أي وجه آخر لا يتفق ومقاصد الأمم المتحدة ).
ولكن هذا الحظر الذي شرعته المنظمة الدولية له بعض الاستثناءات التي تعتبر استخدام القوة المسلحة مشروعاً وهي نوعان الأول في حالة استخدامها بواسطة الأجهزة المختصة في الأمم المتحدة (مجلس الأمن) والثاني في حالة الدفاع الشرعي عن النفس ضد الاحتلال,ولا ينطبق على العدوان الإسرائىلي أي من هذين النوعين ولذلك فالعدوان استهتار بقواعد القانون الدولي,لا بل إن ذريعة إسرائيل بأنه جاء بسبب الجنديين الأسيرين تعتبر ذريعة باطلة لأن من حق المقاومة أن تقوم بعملية الأسر بسبب وجود أسرى لبنانيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي ولا يستدعي بالتالي أسر الجنود الإسرائيليين وفق قانون (التناسب) هذا العدوان الهمجي الذي دمر بنية لبنان التحتية وقتل أطفاله ونسائه وشيوخه الأبرياء.
> ما الاجراءات القانونية الفعالة المطلوبة اليوم لملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين وتقديمهم الى العدالة الدولية لمحاكمتهم على مجزرة قانا وبقية المجازر التي ارتكبت أثناء هذا العدوان الوحشي?!
>> إن المطلوب اليوم من الجهات القانونية اللبنانية المختصة أن تسارع فوراً لاتخاذ اجراءات جدية لملاحقة هؤلاء القتلة وتقديمهم الى العدالة عبر رفع دعوى ضدهم الى المحكمة الجنائية الدولية المختصة للنظر فيها ومحاكمة المتورطين بارتكاب المجازر المذكورة,ومن الضروري هنا الاستعانة بعدد من القضاة الدوليين ممن يتميزون بالنزاهة والجرأة للمساعدة في هذا المطلب العادل,ومتابعة هذه القضية إعلامياً وسياسياً حتى تحقق أهدافها,وكلنا نعرف أن الأدلة المصورة التي نقلتها محطات التلفزة أكثر من أن تحصى.
صحيح أن المحاكم الدولية المختصة لم تحرك ساكناً تجاه السفاحين الإسرائيليين الذين قتلوا أكثر من مئة مواطن لبناني في قانا عام 1996 ولم يسبق لها أيضاً أن حاكمت أحداً من هؤلاء القتلة بسبب جرائمهم المروعة منذ قيام الكيان الإسرائيلي وحتى يومنا الراهن لكن هذا لا يعني أن علينا الاستمرار في الصمت وعدم التحرك قانونياً عبر المنظمات القانونية الدولية وهيئة الأمم المتحدة.
> كيف تعاملت الأمم المتحدة مع هذا العدوان الوحشي?!
>> للأسف الشديد ساهمت المنظمة الدولية بشكل ما في التستر على هذا العدوان الغاشم أو حتى تشجيعه من خلال الصمت الذي التزمه مجلس الأمن الدولي وعدم اتخاذه قراراً فورياً يطالب فيه إسرائيل بوقف عدوانها,والسبب كما نعلم هو أن المنظمة الدولية أصبحت أداة طيعة بيد الولايات المتحدة لتحقيق أهدافها وسياستها.
رغم أن إسرائىل انتهكت ميثاق هذه المنظمة وداست على كل المعاهدات الدولية التي تحرم العدوان لا بل إن الأمم المتحدة لم تتحرك بالشكل المناسب لادانة الجريمة الإسرائىلية بحق المراقبين الدوليين الأربعة وكل ما فعلته أنها عبرت عن صدمتها لما حدث عبر بيان مجلس الأمن الدولي الذي أصبح يتعامل بانتقائية مع القضايا الدولية بعيداً عن الموضوعية وخصوصاً مع القضايا العربية.
> برأيكم ألا يدعو هذا الوضع في المنظمة الدولية الى اليأس في ظل الهيمنة الأميركية?!
>> رغم كل ما ذكرته في هذا الاتجاه إلا أننا يجب ألا نيأس من هذا الوضع المأساوي للنظام الدولي الذي تهيمن عليه الإدارة الأميركية لأن الشرعية الدولية ليست ملكاً لأحد وعلينا أن نستردها من أيدي هؤلاء الطغاة الذين اغتصبوها,وعلى كل الشعوب الحرة أن تقوم اعوجاج النظام الدولي من خلال عدم التمييز في تطبيق قواعد القانون الدولي,وأمامنا محكمة العدل الدولية والجمعية العامة للأمم المتحدة والمنظمات الدولية الحقوقية.
> وهل تستطيع المنظمة الدولية أن تعود الى ميثاقها وتنقذ البشرية من تسلط بعض القوى على مصائرها ?!
>> لقد تعهد ميثاق الأمم المتحدة سنة1945 أن ينقذ البشرية من ويلات الحروب والمحافظة على الأمن والسلم الدوليين ومنع استخدام القوة في العلاقات الدولية لكن المنظمة لم تستطع حتى الآن أن تفي بتعهداتها ويمكن للعالم أن ينجح في هذا الاتجاه من خلال توحده ضد هذا التيار الجارف الذي يحاول وأد الشرعية الدولية ونعيها نهائياً.