وهي ترتبط بنظرته إلى ذاته وإحساسه بقيمته بين من هم حوله، ومن ثم التصرف بطريقة إيجابية أمام الآخرين باعتبار أنه يملك الكثير من مقومات النجاح التي تؤهله لأن يكون إنساناً كاملاً في المجتمع، وإن انعدام هذه النظرة الايجابية إلى الذات تؤدي إلى سلوك مضطرب وغير متكيف مع البيئة المحيطة.
تؤكد الدراسات الاجتماعية والنفسية أن كيفية التعامل مع الطفل سواء من الأسرة أو المدرسة تساهم إما في تنمية الثقة بالنفس أو اقتلاعها من جذورها، فالتربية الصارمة والمتصيدة للأخطاء والتي تركز على جوانب الضعف تضعف الثقة بالنفس عند الطفل، أما طريقة التربية المبنية على الحوار وتفهم احتياجاته وإتاحة المجال له للتعبير عن ذاته وميوله واحترام وجهة نظره كلها تساعد على تنمية الثقة بالذات عنده.
إضافة إلى الألفاظ التي يصدرها الوالدان نحو الطفل والاستهزاء والسخرية منه ونعته بالعبارات السلبية مثل: ( أنت لا تستطيع، فلان أفضل منك..، أنت غبي..)، وعدم إعطائه الفرصة في تحمل بعض المسؤوليات، والقيام بكل شيء عنه، وعدم الثقة بقدراته، وعدم إتاحة المجال له للمحاولة، وتهويل أخطائه والنظر إليها بعين مكبرة..
ونتيجة هذا التدني في مستوى الثقة بالذات، يشعر الطفل دائما بأن ليس لأعماله أي قيمة وأنه سلبي نحو ما يقوم به من أعمال، ويشعره بأنه غير مؤهل للقيام بالكثير من الأعمال التي قد ينجح فيها سواه من الاطفال، ونجده يستسلم ويتنازل بسهولة عن آرائه، وقد يولد الأمر الكثير من المشكلات السلوكية مثل العنف والعدوان نحو الآخرين نتيجة أن لديه حاجات لكن لا يستطيع إشباعها أو تحقيقها، وقد يميل إلى العناد تعبيراً عن رفضه للوضع الذي هو فيه، والانعزال عن الآخرين، وتجنب المواقف التي تعرضه للإحراج والسخرية من الآخرين، وبالتالي فقدان الكثير من الفرص الاجتماعية.
وتضيف بعض الأبحاث أنه من أجل بناء الثقة بالذات ورفع مستواها لا بد من التركيز على جوانب القوة التي يمتلكها الطفل، واكتشاف قدراته وتبصيره بها، وتعزيزه على كل سلوك إيجابي يقوم به مهما كان صغيراً، ونعته بألفاظ إيجابية مثل: أنت قادر، بطل، ممتاز، ذكي..، وترك الألفاظ السلبية التي توجه له، وتعزيزه ومدحه أمام الآخرين، ومنح هذا الطفل الحب والمودة والعاطفة اللازمة له، والحنان والشعور معه، لأن كل ذلك يعتبر جزءاً هاماً من نموه الانفعالي والنفسي، وإتاحة المجال له للحديث بحرية عن مشاعره دون السخرية والاستهزاء منها مهما كانت، وتكليفه بالقيام بمسؤوليات بسيطة في إطار الأسرة أو المدرسة، وثوابه على أدائها، لتعزيز خبرات النجاح عنده، لأنه تعرض لخبرات فشل كثيرة في السابق، وبث الطموح في ذاته، وتشجيعه على ممارسة الأنشطة التي يحبها.