تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


سباق السماسرة للتآمر على سورية

شؤون سياسية
الأحد 19-2-2012
د. عيسى الشماس

سباق محموم في سوق السمسرة السياسية على سورية وشعبها لا سابقة له ، مكانه الجامعة العربية حيث يقام المزاد التآمري العلني ،أصحابه تجار السياسة العربية المأجورين الذين باعوا ضمائرهم وأخلاقهم في واشنطن وعواصم أوروبية ،

وأتوا برصيد تآمري كبير ليتاجروا به على حساب الدم السوري وأمن سورية واستقرارها، وفي مقدّمة هؤلاء المتاجرين ( الحمد والفيصل ) اللذان راحا يتباريان في سمسرة العمالة إبان كل جلسة في الجامعة العربية بشأن سورية ، سواء على مستوى المندوبين أم على مستوى وزراء الخارجية .‏

يتبارى أميرا السعودية وقطر ، بتشجيع من أمراء خليجيين ، في مزايدة مكشوفة لأخذ دور بارز في المؤامرة التي تتعرّض لها سورية ، بالتنسيق مع أصحاب المشاريع الأمريكية-الصهيونية التي تستهدف المنطقة العربية عامة وسورية خاصة ، علّهم يحققون من الدخول في هذه المزايدة مكاسب ترفع من مكانتهم الوضيعة وتحسّن من صورتهم القبيحة ، الملطّخة بألوان العمالة والتبعية للاستعمار القديم والجديد على حدّ سواء ، وتاريخهم يشهد على ذلك منذ ما قبل الثورة العربية الكبرى 1916 وحتى الوقت الراهن ، في تعاونهم مع الاستعمار البريطاني القديم ومن ثمّ مع الاستعمار الأمريكي الجديد ، وإن لبسوا العباءات العربية البعيدة عنهم في أصالتها وشيمها ؛ ولم لا ؟ أليس هذا التستّر المشبوه من صفات السماسرة وأساليبهم في الخداع ، سواء في السياسة أم في التجارة أم في العمالة مهما كان نوعها ؟!‏

إنّ ادعاءات هؤلاء السماسرة بمساعدة الشعب السوري للخروج من أزمته وأوضاعه المأساوية ، هي ادعاءات باطلة في الشكل والمضمون ، ولا سيّما التذرّع بنشر الحرية والديمقراطية التي يسوّقها لهم أسيادهم، عن طريق التسلّح والإرهاب وممارسة القتل الجماعي . فأية حرية يزعمون ؟ وأية ديمقراطية يدعون ؟ وهم لا يعرفون من الحرية والديمقراطية إلاً ما يحقّق مصالحهم ويتماشى من أنظمتهم ( الأسَرية والقبلية ) ، التي تسمح لهم بممارسة العنف والقتل ضد كل من ينتقد نظامهم ، ويحرمون أي اجتماع أو مظاهرة تطالب بإصلاحات ، حتى وإن كانت سلمية ، والأمثلة على ذلك كثيرة كما في ( السعودية والبحرين والكويت .. وغيرها ) لأن في ذلك مخالفة للشريعة ، على حدّ فتاوى مشايخهم ، لأن سلطة الملوك والأمراء لا تنظمها قوانين ودساتير ، كونها مستمدّة من مشيئة الله ( على حدّ زعمهم ) ، ليصل الأمر إلى تسمية الدولة باسم الأسرة الملكية الحاكمة ، كما في ( المملكة العربية السعودية ) نسبة إلى آل سعود . وهذا يذكرنا بحكم الأباطرة في العصر الوسيط ، الذي أطاحت به الثورات التحررية ، وفي مقدمتها الثورة الفرنسية .‏

فبعد أن فشلت قطر بـ ( حمَدِها )وخسرت المزايدة في إقناع مجلس الأمن لتبنّي قرار عربي ضد سورية، ويسيء إليها دولة وشعباً ، ويسمح بالتدخل الخارجي السافر في شؤونها الداخلية ، ها هي السعودية بـ(سعودها ) تعمل على تحييد قطر ، وتدخل المزايدة التآمرية ضد سورية ، بطرح قرار تبنته الجامعة العربية في اجتماعها ( الأحد 12/2/2012 ) ، أشدّ عدائية وكيدية من القرار السابق المتخذ في ( 22/1/2012) ويؤكد القرار السعودي على إدانة ( النظام ) السوري في ممارسة العنف ، ويدعو إلى دعم المسلحين / الإرهابيين ، من عناصر تنظيم القاعدة ، وممّن يسمّون باطلاً ( الجيش الحرّ ) لإسقاط النظام ، وطلب مساعدة الأمم المتحدة لإرسال قوات سلام إلى سورية ، على أن تسلّم نسخة منه إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة في محاولة جديدة لتدويل الأزمة السورية ، علّ السعودية تكسب المزايدة بعد أن خسرتها ( قطر ) في مجلس الأمن.‏

لقد نصّب ( السعودي ) نفسه وكيلاً عن الشعب السوري ، كما فعل من قبله ( الحمدي/ القطري ) ، وراح السعودي يستنهض همم المسلمين وحمية العرب ويدعوهم لمساعدة فئة من السوريين الضالين على أخوتهم في الوطنية والإسلام والعروبة .أليس في هذه الدعوة فجور سياسي ، ودجل أخلاقي بأبعاده الاجتماعية والإنسانية ؟! ولكن لا غرابة في ذلك طالما أنّه يتمّ في مزاد السمسرة العربية ، وفي سوق الجامعة العربية التي تحوّلت إلى سوق لتجار السياسة العربية ،بالمال والنفط ورصيد العمالة والتآمر على الأمة العربية ، بحاضرها ومستقبلها ، بدلاً من أن تكون البيت الحاضن للأسرة العربية ، التي تغار على أبنائها وتؤالف بينهم، وتعمل على حلّ مشكلاتهم بالتعاون فيما بينهم ، وليس من خلال التفرقة وتأجيج نار العداء والفتن . لقد تحدّث ( سعود ) بحماقة وصفاقة عن دعم العصابات المسلّحة بالمال والسلاح ، ولم يرَ أفعالهم الإجرامية قي التخريب والقتل ضد المدنيين والعسكريين ؛ ولم يرَ قوافل الشهداء التي تشيّع كلّ يوم وآخرها القافلة التي سقطت نتيجة التفجيرات الإرهابية التي وقعت في حلب صباح الجمعة ( 10/2/2012 ) ، ولم يسمع تهديدات الظواهري ودعوته عناصر من القاعدة للتوجّه إلى سورية وتنفيذ عمليات انتحارية لتخريب المنشآت المدنية والعسكرية ؟ بينما يحمّل ( النظام ) مسؤولية العنف وتأزيم الوضع، ويطالب المجتمع الدولي باتخاذ موقف حازم وحاسم تجاه هذا النظام ، متجاهلاً أن النظام في سورية هو الشعب، والشعب هو النظام .‏

وإذا كان ( سعود ) لا يرى إلاّ بعين واحدة فحسب ، سواء عندما يقرأ وينقل نظره من اليمين إلى اليسار، أو عندما لا يرى من الشعب السوري إلاّ تلك الفئة الضالة / المأجورة ، فإنّه بحاجة ماسّة إلى طبيب عيون حاذق ليعيد إليه نظره أو بعضاً من نظره ، أو يصحّح له الانحراف الكبير في الرؤية البصرية والرؤيا العقلية ، علّه عند ذلك يستطيع أن يرى بصورة أوضح أو يقرأ قراءة سليمة ، إن أراد فعلاً ، وإلاّ سيصاب بالعمى الكامل وتكون المصيبة له وحده .‏

ولكن إذا كان الأمير المهزوز لا يرى الشعب السوري إلاّ بعين واحدة ، فإن الشعب السوري يراه بعينين اثنتين (مفتوحتين تماماً ) ولكن لا ليردّ له الجميل – كما يقول المثل – وإنّما ليكشف صورته المزيّفة. وليقول له : « من كان بيته من زجاج فلا يجوز أن يرمي بيوت الآخرين بالحجارة «. وهذا يعني أنّ من كانت العيوب تلبسه من كلّ جانب ، فلا يحقّ أن يتحدّث عن عيب صغير عند الآخرين . ولكن أليس كلّ إناء ينضح بما فيه ؟.‏

فتبّاً لهذا الزمن الرديء الذي أفسح المجال لأزلام الاستخبارات الأمريكية- الصهيونية وأعوانهم من الأعراب، أن يجعلوا من أنفسهم وكلاء حقيقيين / معتمدين لتنفيذ الأجندات الخارجية في المنطقة العربية، بل فيما يسمّى ( الشرق الأوسط الجديد ) ، وأن يحدّدوا مسار السياسة العربية ، التي تعمل ضدّ مصالح العرب وليس من أجلهم ؟ ولكن المزايدة السعودية ستفشل كما فشلت المزايدة القطرية ، بفضل وعي الشعب السوري ووحدته الوطنية ، وبدعم من يقف معه من الأشقاء الشرفاء والأصدقاء الحقيقيين في العالم الحرّ الذين يحرصون على سيادة سورية واستقلالها ؛ فالشعب لا يرحم الخونة والمتآمرين ، والتاريخ لا يرحم العملاء والمتاجرين بالأمة وهويتها العربية الأصيلة.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية