لأنها شرطه ولا إلى العقل العملي تمده بمعايير للسلوك مثل الواجب ولا إلى ملكة الحكم تقوم من دون الحكم الجمالي أو الغائي ليست مقولة معرفية ولا أمراً أخلاقياً ولاحكماً جمالياً أو غائياً بتقسيمات كانط الشهيرة لأنواع العقل الثلاثة.
المقدس كمايقول د. حسن حنفي في عالم الفكر العدد الثالث ليس مقولة معرفية لأن التقديس تعظيم وتفخيم يصل إلى درجة التأليه، المقدس مقولة عملية أكثر منها نظرية، اتجاه عملي من العالم أكثر منه موقفاً معرفياً، ومع ذلك يقوم بوظيفة معرفية من خلال الإيمان به والتسليم لمقتضياته والطاعة لنصوصه هو حالة شعورية أي موقف وجداني من العالم ولفظ شعوري أفضل من لفظ نفسي حتى لايختلط الأمر بعلم النفس ويرد الكل إلى الجزء، لذلك ارتبط المقدس بالفن وعبر عن نفسه من خلاله، وأصبح الفن أحد مداخل المقدس.
فتمثال موسى لميكائيل أنجلو قد يكون أكثر إيحاء وتأثيراً من مضمون الألواح التي بيديه وكان إعجاز القرآن الأدبي هو الوسيلة الأولى للإقناع بالإسلام لدى العرب أهل الشعر.
والمقدس أقرب إلى المقولات الأخلاقية مصدر إلزام وجزاء يتطلب التسليم به والخضوع لأوامره، لذلك توحد بالشريعة، الأوامر والنواهي بالواجبات والمحرمات أصبح مصدر رغبة ورهبة، ورغبة في الثواب ورهبة في العقاب لذلك ارتبط بالتزمت والحرفية والشرعية مثل الأحبار الذين نقدهم السيد المسيح لنسيانهم المحبة شريعة القلب، فقد يقوم تطبيق الشريعة على النفاق، اختلاف الظاهر عن الباطن، ادعاء الظاهر والباطن خراب.
وقد يكون المقدس أقرب إلى الحس الجمالي «إن الله جميل يحب الجمال» والدين نفسه في أساسه ظاهرة جمالية، فالجمال يبهر ويثير وإن لم يعبر عنه جمالياً كما يفعل الفنان الأديب أو الشاعر أو المصور أو الرسام أو الموسيقي يعبر عنه المتدين زائداً عليه التشخيص فلا فن دون فنان ولالوحة دون رسام ولاتمثال دون مثّال، فالكون عمل فني له صانع مبدع وهو الخالق.
أخيراً يخلص د. حنفي إلى القول: جوهر الإنسان وجوهر الدين شيء واحد وهو الوعي الذاتي، والوعي الأصيل هو الانثربولوجيا والوعي الزائف هو الثيولوجيا.
Yemenbbass@qmail.com