إن اختيار مقر البرلمان كان دقيقاً ويعبر عن مكانته السياسية والاجتماعية، فهو يقبع وسط "دمشق" مشرفاً على أحياء "دمشق القديمة" ومطلاً على "قاسيون"، ومجاوراً لأسواقها.
ولابد من الإشارة إلى أن مبنى "مجلس الشعب" يعتبر أيقونة سورية جميلة، ومعلماً عمرانياً عالمياً فهو من ضمن المباني المسجلة في قائمة التراث العالم،.
وقد مر "البرلمان السوري" بثلاث مراحل بناء أساسية حتى أصبح على الهيئة التي هو عليها اليوم، كانت أولاها حين أمر بإنشائه عام /1928/، وتم الانتهاء من هذه المرحلة عام /1932/. أن البرلمان السوري بني بأيد سورية وأشرف على بنائه وعلى زخرفته فنان دمشقي يدعى "محمد علي الخياط"رغم أنه بني زمن الانتداب الفرنسي، حيث تجد أن البناء رغم تأثره بالطراز العمراني الفرنسي الذي ساد الأحياء الدمشقية التي بنيت خلال تلك الفترة، إلا أنه شيد بنفس دمشقي عتيق. وزين بنقوش تعبر عن مختلف الحضارات العربية والإسلامية التي مرت على "سورية".
بدأ البرلمان ببناءين متلاحمين؛ الأول مؤلف من طابقين، الطابق الأول مدخله من بوابة الصالحية، ويتألف من بهوين وقاعة للاجتماعات و/9/ غرف.
أما الطابق الثاني فيحتوي على بهو و/3/ غرف، وشرفة مطلة على قاعة الاجتماعات- مخصصة لجلوس المستمعين-، كما يحتوي هذا المبنى على طابق تحت الأرض مؤلف من بهو و/5/ غرف.
والبناء الثاني كان عبارة عن طابق أرضي، بابه من جهة مبنى
"وزارة الاتصالات" الحالية- التي كانت زمن الانتداب الفرنسي مقراً للدرك، ويقال إن هناك سرداباً تحت الأرض يربط بناء البرلمان مع ذلك المقر، حيث كان يستخدم لتنقلات الدرك ويتألف هذا الطابق من بهوين وقاعة و/7/ غرف.
"قاعة الاجتماعات" الموجودة في هذا المبنى احتضنت اجتماعات المجالس النيابية السورية من عام /1932/ إلى /1954/، وقد تعرضت في عام /1945/ إلى التخريب إثر تعرضها لقصف مدفعي فرنسي ، وقد تحولت هذه القاعة- بعد بناء قاعة الاجتماعات الجديدة- إلى قاعة لاستراحة أعضاء مجلس الشعب.
في عام /1947/ بدأت المرحلة الثانية من مراحل توسيع مبنى البرلمان السوري بأمر من السيد "سعد الله الجابري" رئيس مجلس النواب آنذاك، واستمرت عملية إعادة الترميم والبناء /7/ سنوات، حتى عام /1954/، حيث أضيف للبناء القديم بناءين، بناء يحتوي على قاعة اجتماعات كبيرة تتسع للعدد الأكبر من النواب، وبناء توءم للبناء القديم.
يطلق على "قاعة الاجتماعات" الحالية في مجلس الشعب، قاعة "القبة"، ولها حرمة في الدستور السوري؛ إذ لا يجوز أن يدخلها إلا من أقسم "رئيس الجمهورية، أعضاء مجلس الشعب، رئيس مجلس الوزارء والوزراء"، قاعة الاجتماعات خصصت ل/140/ مقعداً ولكنها اليوم تستوعب /250/ مقعداً- عدد أعضاء مجلس الشعب إضافة إلى مقاعد مخصصة للسلطة التنفيذية-، وقد عقدت أولى الجلسات في هذه القاعة بتاريخ "14/10/1954".
وقد تم في هذه المرحلة بناء شرفات تطل على قاعة الاجتماعات، تحتوي على /300/ مقعد للزائرين، وخصصت شرفة لرئيس الجمهورية، وأخرى لكبار الزائرين الأجانب وشرفة خاصة لكبار موظفي الدولة وشرفة خاصة بالإعلاميين.
وآخر التجديدات التي طرأت على بناء "البرلمان": المرحلة الثالثة من مراحل بناء البرلمان السوري، كانت زمن رئاسة "فارس الخوري" حيث ارتأى أن القاعات التي كانت موجودة آنذاك لاجتماعات اللجان البرلمانية وسكرتارية المجلس لم تعد كافية، فأمر ببناء /7/ غرف في الطابق الأرضي، وكذا /7/ غرف في الطابق العلوي، وفي عام /1999/ جددت قاعات المجلس ومداخله، وتم تشييد بناء إضافي يحتوي على /3/ طوابق ويتضمن قاعاتين لاجتماعات لجان المجلس و/10/ غرف، كما تم توسيع حديقة المجلس في تلك الفترة.
وإلى الآن ما زال صرحا عريقا شاهدا على عراقة السوريين وديمقراطيتهم ..حيث شهد الكثير من بطولاتهم ..