ذرف الصبّار المجاور لبيت الشهيد دمعة حرّة في يوم تلاقى فيه وعنده الله والبشر، وتلك الزيتونة التي قضى تحتها أيام مراجعته لامتحان الشهادة الثانوية العامة نفضت عن أغصانها غبار تموز وتحولت كل حبّة من عناقيدها إلى سراج يتغذّى من قيم الشهادة ومن عزيمة الشهداء.
زوجة الشهيد قالت: لا يوجد في الدنيا ما هو أصعب من فراق « أبو علاء» ولا شيء يعوّض غيابه فهو البطل وهو شريك العمر وهو أب أطفالي وزوجي وصديقي والمظلة التي ترخي ظلّها على أسرتنا، وقد أخذه الله إليه شهيداً والحمد لله على شهادته وعلى بطولته وكنّا نتمنى لو أن دمه الطاهر تغلغل بين حبات تراب الجولان في مقارعة العدو الصهيوني لا أن يسفك برصاص غادر لمجرّد أنه ضابط في الجيش العربي السوري التزم شعار هذا الجيش « وطن – شرف – إخلاص».
وتتابع زوجة الشهيد قائلة: تلقى زوجي أكثر من تهديد ولكنه لم يفكّر يوماً أن ينجو بنفسه أو تقوده أنانيته للتفكير بنجاتنا فقط، ولو كان كذلك لفكّر كيف يهرّبنا بعد تلك التهديدات ولكنه كان يقول دائماً: خسئوا، لن نترك لهم منازلنا وساحاتنا وإن قضينا شهداء في سبيل سورية فهذا شر ف لنا، وقد قضى غدراً على باب منزله ونحتسبه عند الله شهيداً فبأي وجه سيلاقي هؤلاء المجرمون ربهم؟
علاء، الابن الأكبر للشهيد (سنة أخير علوم سياسية) قال: الحمد لله الذي شرّفنا بشهادة والدي، لقد قضى فداء عن سورية وعن شعب سورية وإن شاء الله يكون آخر الشهداء ويساهم دمه في كتابة نصر سورية القادم لا محالة بإذن الله.
كلّ شيء تغيّر في حياتنا، والوالد الذي كان يتابع أدق تفاصيل دراستنا وحياتنا لم يعد موجوداً وقد أصبحت ابن شهيد وهذا يضعني أمام مسؤولية مزدوجة الأولى تجاه أخوتي كوني أكبرهم والثانية تجاه روح والدي.
ولاء الابنة الوحيدة للشــــهيد التقيناهــا يــوم صدور نتائج الشهادة الثانوية العامة وكم تمنّت لو أن والدها كان معها وهي تتطلع على خبر نجاحها في البكالوريا وبعلامات جيدة. أسرة الشهيد حمّلتنا عبر هذه السطور أرفع وأسمى آيات الحب والولاء للسيد الرئيس بشار الأسد الذي يقود سورية نحو النصر والعزة والسيادة.
« الصفصافة بلدة جميلة في طرطوس تنام تحت كروم الزيتون»