واليوم يستمر مسلسل التضليل الذي تمارسه واشنطن نحو سورية منذ بداية الأزمة وحتى يومنا بصور شتى.
فهي توعز للنظام التركي بشن عدوان على عدة مواقع في الجزيرة السورية، وتعتمده وكيلاً لتحقيق أجنداتها الاستعمارية، وتبدأ ماكينتها الإعلامية الدعائية بالاستثمار بالعدوان بأي طريقة.
يظهر ترامب أولاً ليدلي بتصريحات غريبة عجيبة عن وجود قواته في سورية، فهذا الوجود برأيه قد يكون سخيفاً لأنه برأيه لم يحقق النهب الذي كان في مخيلته، دون أن يسأل نفسه عن آلاف الضحايا السوريين الذين فقدوا حياتهم بسبب هذا الوجود (السخيف) المزعوم، وبقصف إجرامي لطائراته عن طريق الخطأ المزعوم وبذريعة مكافحة الإرهاب.
ثم تتوالى التصريحات المتناقضة الصادرة عن أركان إدارته وإعلامه واستخبارته، لتتوالى معها عملية توزيع الأدوار المكشوفة بينهم، فأحدهم يفصح عن مدى دجله ولفه ودورانه فيؤكد أن الذي حصل أن واشنطن قررت الانسحاب من سورية، ولا يمضي نصف ساعة حتى يظهر آخر ليقرر بأن العملية ليست إلا إعادة انتشار لقوات بلاده الغازية.
فهذه التصريحات المتضاربة تثير الكثير من التساؤلات حول السياسات الأميركية المراوغة والوجود العسكري على الأراضي السورية وحقيقة النيات الأميركية المبيتة، لأن العالم كله يدرك كم هي حجم الأضاليل الأميركية طوال السنوات الماضية في كل القضايا المتصلة بالأزمة بدءاً من الكيماوي المزعوم وليس انتهاءً بالملف الإنساني واللاجئين والإرهاب، ولأن البنتاغون أكد فور الإعلان عن سحب قواته أنه سيواصل العمل مع من أسماهم الشركاء في إشارة واضحة لمتابعة المهمة من قبل الإرهابيين.
وهي ليست المرة الأولى التي تعلن فيها إدارة ترامب أنها ستسحب جنودها المحتلين من سورية ثم تتراجع وتلعب على حبال الكلمات والمصطلحات، فمنذ غزوها للأراضي السورية وهي تمتهن هذه السياسة التضليلية، وتروج مرة أنها بدأت بسحب قواتها المحتلة ومرة بأنها تعيد انتشارها، ومرة تريد تقليص عددها، ومرة زيادتها من أجل الحفاظ على الأمن المزعوم والحفاظ على الحريات المزعومة ودعم الشعب السوري ومكافحة الإرهاب المزعوم.