حتى ينبري أولئك لاستكمال الدعاية التي بدأتها قبل أشهر، وفوضوا أنفسهم للحديث عن مخاطر مزعومة لتنظيم «داعش» الإرهابي، وأن إرهابييه سوف يعاودون أنشطتهم إذا أصرت الإدارة الأميركية على موضوع الانسحاب الذي لن يحصل سوى على صفحات الصحف والمجلات والمواقع الإخبارية وشاشات التلفاز، وخاصة أن موضوع إبقاء الولايات المتحدة لقواتها من أجل دعم مرتزقتها، أمر لابد منه لإطالة أمد الحرب في سورية.
فرنسا أحد أولئك الوكلاء، ودورها منذ البداية التطبيل وتضخيم الأمور والمواقف، وتمسك بالطرف الآخر من الحبل، فإذا أمرتها واشنطن بشده فعلت، وإذا طلبت منها العكس أيضاً لما استطاعت الرفض، وبهذا يصعد كل من اعتلى الموجة الأميركية للعب على حبال الإرهاب حتى يلهث، ثم يصعد غيره وهكذا.
الدعاية الفرنسية تزامنت مع العدوان التركي الذي تنفذه قوات نظام أردوغان على أراض سورية، مدعية أنها تستهدف من ورائه إرهابيي «قسد»، في زمن لا تمتلك فيه سورية الوقت كي تميز بين الإرهابيين، لأن كل من يرتكب الجرائم ويعيث خراباً وتدميراً وكل من يدعمه فهو إرهابي، وكل من يدعي محاربته خارج راية الجيش العربي السوري، فهو التكفيري الذي يحق للسوريين مواجهته.
جهود حل الأزمة كما تدعي فرنسا لن تتأثر بانسحاب القوات الأميركية، لأن ما تفعله إدارة ترامب حرب بحد ذاتها، وبالتالي من يروج لبقاء تلك القوات ويعمل تحت ظل البيت الأبيض في السر والعلن، هو من يريد عودة «داعش» إلى سورية لسببين الأول، لإبقاء خطره بعيداً عن بلاده، وثانياً من أجل الاستثمار بالتنظيم الإرهابي، والإيهام أنه مازال يشكل خطراً على المناطق التي يتواجد فيها.
دول الغرب تجتمع اليوم لمؤازرة تركيا، وتشجيعها على عدوانها واعتداءاتها، فأميركا التي أدارت ظهرها للأكراد باركت ذاك العدوان، وفرنسا وغيرها الذين يتحدثون عن أخطار «داعش» وضرورة بقاء قوات ترامب في سورية، يهدفون من وراء ذلك لمواصلة الاستثمار بالإرهاب، وتبرير البقاء في الأراضي السورية، وهذا أيضاً غزو واحتلال من نوع آخر، ولهذا على المجتمع الدولي تحمل مسؤولياته والنظر للموضوع من زواياه المختلفة، لأن كرة النار فيما لو تدحرجت لن يستطيع أحد إيقافها.
huss.202@hotmail.com