أو على أحد مقاعد البولمان أثناء السفر، وليس مهماً بعد ذلك إن أكملت السفر أو أجلته قسراً، المهم أن هناك من يحرص على (سلامتك) ولو في إعلان طرقي..؟!
هذه العبارة الجميلة رافقتني طوال الطريق خلال رحلتي إلى محافظة اللاذقية، حيث قضيت تسع ساعات متنعماً (بالسلامة) في رحلة لا تستغرق عادة سوى أربع ساعات، وأنا أتنقل مشرداً مع حقيبة من كراج إلى آخر، ومن واسطة نقل إلى أخرى، حتى كدتُ في مرحلة ما أن استخدم قدميّ أو (دابة) لأكملها، بسبب شحّ وسائط النقل العامة من بولمانات وسرافيس، استمتعت خلالها بشروق الشمس في دمشق واستمتعت بغروبها على حافة البحر، بعد أن رافقتني (السلامة) المزعومة وحالة جسدية ونفسية ومعنوية مزرية..!!
في كراج حرستا الجديد ــ اقترح تسميته عصفورية البولمان المحدثة ــ كل شيء فيه خارج المألوف باستثناء الزحمة، زحمة البولمانات المتوقفة، وزحمة الناس المستاءة، زحمة (الوشيشة) الذين يدعونك للسفر إلى حيث لا تريد، وزحمة أصحاب المكاتب الذين يمارسون هواية (كش الذباب) والرد (بلا نفس)، وإذا صادفت مكاناً شاغراً في بولمان رديء فعليك أن تسجد على إسفلت الكراج شكراً وعرفاناً بالجميل..!
وإذا كنت مسافراً إلى طرطوس أو اللاذقية فلا مناص من الالتحاق برحلة حلب والاستمتاع ببعض القدود الحلبية، قبل أن تجد نفسك في (جورة) كراجات حمص ــ التسمية مأخوذة من قاموس الشرطة هناك ــ وهناك عليك أن تبدأ معركة حامية الوطيس مع سائقي السرافيس وخفة دمهم وهم يختارون ركابهم حسب لون العيون والشعر والبشرة.. مع أفضلية راجحة للجنس اللطيف..!
طيلة الطريق كنت أتساءل بمرارة هل الدولة عاجزة عن تأمين وسائط نقل مريحة للمواطنين أم أن القصة بحاجة (لمصالحة) أو (تسوية) على غرار ما كان يحدث مع الخارجين عن القانون..؟!