ولكن الذي يحدث هو إنسان تسيطر عليه المفاجأة ولربما نسق من الحكام في المستويين المتوسط والأعلى فهؤلاء يتوهمون أنها المفاجأة ويرتبون تبريراتهم عبر منطق المفاجأة والتي تعني عندهم أن هناك وقائع واندفاعات في الحياة السياسية لم تكن متوقعة ولاهي مأخوذة على قاعدة الأحداث وقواعد بيانات الواقع في حركة المستقبل والقادم، لذا أقول ولطالما قلت إن الإنسان في غيابه عن قاعدة الواقع وخط الأحداث هو الذي يقع في المفاجأة المزعومة، أردت أن أستحوذ على نسبة من التحليل والتعليل فيماهو قائم الآن في سورية من الداخل وعليها من الخارج لأن الكثيرين في منصات التقويم والتحليل السياسي والمسلكي مازالوا يرددون بأن سلوك شرائح من الشعب السوري هو مفاجأة وبأن اندثار الوعي العربي الرسمي كماهو حاصل أيضاً مفاجأة، ودور الجامعة العربية كذلك هو مفاجأة وسرقة آل ثاني في قطر وآل سعود في الحجاز هي أيضاً مفاجأة .
وبمتابعة بسيطة نرى أن المنطق المطلوب هو أن نعتقد ونعتنق المفاجأة في سلوكنا الداخلي الوطني وفي مواقف الآخرين على المستوى العربي والدولي، وحقيقة الأمر أن الغياب عن الواقع في الداخل كما في الخارج هو الذي يقدم الأحداث على أنها مفاجآت ، ولاسيما حينما يكون منهج التعامل مع الواقع قائماً بطريقة الاختزال الذي يغادر الكليات ولايتقن فن التقاط الجزئيات الأساسية أو حينما يكون التعامل هذا مع الواقع قادماً بأسلوب فرض الكفاية أي هناك من يتعهد متابعة الواقع وتقديم النتائج بصورة فردية للمجموع الذي ليس له إلا مهمة التصديق على الرؤى الفردية والتصفيق لماوصلت إليه هذه الرؤى الفردية من خلاصات ونتائج ، إن منطقاً كهذا يلغي حقيقتين هامتين للغاية:
حقيقة تيار الحدث وتطوره وتراكمه إلى لحظة الانفجار النوعي وحقيقة أن القوى التي تستهدفنا الآن لم تأت من الغيب ولم تستورد من مجرات بعيدة، إن نماذج مثل الحمدين وآل سعود والجامعة بمافيها من محتويات وأردوغان وأوغلو وأوباما وساركوزي هذه النماذج جميعاً موجودة بالقوة وبالفعل على حد تعبير الفلسفة، ولكنها كانت تتدرب وتستجمع الخبرة وتتلطى في الزوايا والمطارح المعتمة ، بل كانت تزور وتحتال لعلنا الان لانجد مفردة تناسب دور حكام قطر سوى الاحتيال ، أي إننا أمام مجموعة من النصابين وأحقر النصابين الذين يتخفون في اللباس العربي ويرفعون شعارات إسلامية، لعلنا الآن مطالبون بأن نعتدل ونستقيم في تقويمنا للمؤامرة وأن نعتدل ونستقيم في تثبيت منطق الرد عليها ونحن نعرف بأن حاكماً مثل حمد لن يكون عربياً مرة ويهودياً، مرة أخرى وأن حاكماً مسلولاً مثل سعود الفيصل لن يكون من سدنة بيت الله الحرام مرة ومن واردية الخدم والخدمة لأميركاوإسرائيل مرة أخرى ولا يلغي مثل هذا الحكم لحظات مقتطعة لهؤلاء الخدم السياسيين أطلقناها نحن بذاتنا في سورية في استشعار إيجابي وفي حركة حسن نيات وصدق سلوك كنا نرى أنه سيؤثر على الآخرين، والصادق يصدق الآخر والطيب يتوقع الطيبة في الآخر ولكن مصير الشعوب ومتطلبات العمل السياسي تلح علينا دائماً أن نستحضر الأصول فيما سيأتي من أصول وأن نستعيد تلك المقاطع المفصلية في تاريخ حكام مثل مجلس التضامن الخليجي وعندها لانفقد ميزتنا بذاتنا كصادقين وطيبين في سورية ولكننا أيضاً لانفقد حذرنا من أن تندفع الأصول الخبيثة عبر هؤلاء الخبثاء إلى الظهور الصاعق في اللحظة القادمة.
أليس من حقنا الآن أن نستغرب ونستهجن موقف هؤلاء الأعراب وهم لم يؤمنوا قط لابرسالة الإسلام ولابالانتماء العربي ولا بخصائص الإنسانية في تطورها العلمي والفكري ونحن نعلم أن هذه العائلات الحاكمة من الأعراب الذين هم أشد كفراً ونفاقاً وهم يقولون بأفواههم ماليس في قلوبهم، دعونا لمرة واحدة نستعين بخبرة آبائنا وأجدادنا القدماء حينما قالوا في الحجاز أحقر حكام لأطهر أرض وفي باقي الجزيرة والخليج قال آباؤنا القدامى هناك أرخص الحكام في أغنى أرض استودعها الله بالخيرات التي من خلالها تبني حضارة العالم المعاصر، هل تابعنا إلى غريزة النفاق والتبديد للثروة والاحتيال والانقلاب على شرع الله في نمط الحكم والتحكم عند هذه العائلات إنهم لايقيمون وزناً للانقلاب على اللحظة الماضية أو على مصير الأمة بكاملها ولايتورعون عن أداء الخدمة القذرة لأعداء الله والدين والأمة العربية.
هذه هي نشأتهم ومن حواضنهم المغرقة في العتمة والتخلف إلى انتشارهم وانتثارهم في مواخير الغرب وفي كهوف الدنس هناك وفي محاربة الله في أقوى عناوين رسالته للبشر لايتورع هؤلاء عن التقافز والتبدل والتلون حتى لوكان ذلك يحدث على شرع الله وعلى آبائهم وأمهاتهم وعلى أبنائهم وبناتهم ، هؤلاء ولد الخبث فيهم ولم يولدوا هم في الخبث ، اندفع المكر منهم ولم يندفعوا هم من المكر، باختصار شديد هؤلاء الحكام في جزيرة العرب في خليج العرب في صحراء العرب في ثروة العرب وفي مصير العرب هم الغرباء عن الحياة وعن العرب وهم المؤهلون دون كل حكام الكرة الأرضية لكي يمارسوا العهر السياسي والانقلاب الأخلاقي دون إحساس بحرج ودون اضطرار لمبرر أو مسوغ أو دريئة يستترون وراءها ولعلنا نلاحظ بمالايقبل الشك أن هذا النمط من التكوين والسلوك السياسي للأعراب وجد في تركيا أردوغان وفي أصحاب التاريخ الاستعماري المشهور مثل فرنسا مادته الحيوية ووكره المفعم بالشذوذ والإلحاد والتطويح بالأعراف والقيم والتقاليد وتضايفت المجموعة عرباً وتركاً وفرنسيين ورفعوا إلى أعلى حد مستوى مايجمعهم من روابط مع التدقيق بأن المجموعة الاستعمارية هذه يتوضع فيها خدم صغار بزي عربي وبتسميات اجتماعية مثل الشيخ والأمير والملك .
وكم هي فظيعة هذه الحالة فمن زور ذاته بذاته وآثر أن يكون شيطاناً تنز منه روائح العفن والدم وانعدام الضمير ، لن يكون بمقدوره أن يعطي أهمية لمواثيق وعهود ولتوقعات مستقرة لعلنا الآن في الاستطراد نكتشف بأنهم جميعاً التقوا بمن يعبر عنهم في الداخل السوري عبر الخارجين عن الحياة والباحثين عن الموت لتحقيق ذواتهم المنخورة فالقاتل نموذج واحد ولكنه يتكرر في الموقع والأسلوب يمارس القتل في عمق الوطن السوري ويمارسه في الجزيرة العربية ويمارسه في هاتاي في تركيا ويمارسه في مجلس الأمن .