حتى تراجع معدو هذا القرار عما اتفقوا عليه فبادروا لتجميد عمل البعثة بعد أن تبين لهم أنها كشفت أكاذيبهم وادعاءاتهم ولم تخدم غاياتهم الدنيئة التي كانوا يلهثون لتحقيقها خدمة لرغبات أسيادهم في الغرب .
فما قدمه تقرير البعثة أكد على وجود عصابات مسلحة تقوم بترويع الآمنين ، وهو ما لا يتوافق مع الأجندة التي وضعها الغرب والتي يطبقها على الأرض بعض المستعربين بكل «إخلاص وتفانٍ»!، وهذا لم يرق لهم فحاولوا إحراق جميع المراحل للوصول إلى تدويل الأزمة فبادروا بالفعل للاتفاق مع أسيادهم الغربيين لتقديم نص مشروع قرار عدائي ضد سورية إلى مجلس الأمن بناء على ما طرحوه من مبادرة اقل ما يقال فيها إنها صيغت بأقلام مدعي الديمقراطية في دوائر البنتاغون.
ومن هنا يتبادر إلى الذهن عدة تساؤلات، فالذرائع التي ساقتها الجامعة المرتهنة للمشروع الصهيو أميركي لتجميد عمل المراقبين غير مبررة، وخاصة أن تقرير البعثة أكد على تعاون الحكومة السورية الكامل وتسهيل عمل مراقبيها، ولكن الجامعة تريد التقليل من أهمية هذه الكفاءة لتطعيمها فيما بعد بخبرات دولية لسبب وحيد وهو استجلاب التدخل الأجنبي، وهو الغاية التي سعت الدول الاستعمارية منذ البداية لتحقيقها.
إن قرار الجامعة إحالة الأزمة السورية إلى مجلس الأمن وتنكرها للحقائق التي حملها تقرير بعثتها هو تشجيع للأعمال الإرهابية والإجرامية الممنهجة التي تقوم بها المجموعات الإرهابية المسلحة من قتل للأبرياء والكفاءات العلمية وتدمير للبنية التحتية، وكرس حقيقة مفادها أن الجامعة هي شريك في نزيف الدم السوري لأن المطلوب من مبادراتها هو جر الأزمة إلى التدويل.
التدخلات الخارجية في الأزمة السورية بلغت حداً خطيراً لأن هناك من يدفع باتجاه تدويلها والمؤامرة على أكثر من مستوى وإصراراً باتجاه مفاقمة الوضع، وعدم اكتراث مجلس الأمن الدولي بكل المبادرات الايجابية التي أطلقتها القيادة السورية بهدف حل الأزمة على قاعدة الحوار، والمضي قدماً في الإصلاحات يعتبر دليلاً واضحاً على أن ثمة من يريد تدهور الأوضاع ولا يريد لها أن تكون مستقرة.
daryoussi@hotmail.com