وقال غاتيلوف في تصريح أمس ان روسيا والصين صوتتا في تشرين الاول الماضي ضد مشروع قرار تقدم به الزملاء الغربيون الى مجلس الامن والذي كان يتضمن صيغة غير مقبولة للتسوية موضحا ان مشروع القرار الحالي لم يذهب بعيدا عن صيغة مشروع قرار تشرين الاول ومن البديهي انه لا يمكننا تأييده .
واضاف غاتيلوف ان مشروع القرار المقدم الى مجلس الامن والذي وضعته البلدان الغربية لا يمكن ان يصبح بقناعتنا العميقة قاعدة مقبولة للتوصل الى قواسم مشتركة في مجلس الامن حول مجمل مسائل التسوية في سورية وهو وثيقة غير متوازنة ويتضمن مقولات تثير الجدل وتترك بالدرجة الاولى الباب مفتوحا امام تدخل في الشؤون السورية .
وشدد غاتيلوف على أن بلاده لا تعتزم المتاجرة مع الغرب ومع أي كان بصدد مسألة اتخاذ قرار في مجلس الامن حول سورية ولفت قائلا: اننا لا نتاجر في ممارستنا السياسية بمسائل مبدئية بالنسبة لنا.. اننا لا نتاجر بل نسعى لان تؤخذ بعين الاعتبار مواقفنا ورؤانا المبنية على أساس معرفتنا بالوقائع الاقليمية والخبرة التاريخية وهذه الخبرة تقول ان محاولة تصدير وصفات التسوية وفرض المواقف على الاطراف تنقلب الى تقويض عميق للاستقرار والى زيادة اراقة الدماء وان الكثيرين في مجلس الامن يدعموننا في موقفنا هذا.
وقال غاتيلوف انه لايمكن لروسيا ان تدعم قرارا حول سورية في مجلس الامن الا اذا كان يعكس مواقفها المبدئية مضيفا ان الاحتمال الوحيد الذي يمكن لروسيا في ظله تأييد القرار هو ان تسجل فيه تلك المواقف التي اشرت اليها والتي تشاطرنا اياها دول كثيرة في العالم .
وقال غاتيلوف: اننا نصر على ان تنعكس مبادئنا الاساسية في اي قرار لمجلس الامن حول سورية وهي رفض العنف مهما تكن الجهة التي ينطلق منها ودعوة الحكومة والمعارضة الى حوار جدي وعدم السماح بتدخل خارجي بالقوة في شؤون سورية الداخلية وعدم فرض عقوبات او التهديد بها .
وتابع نائب وزير الخارجية الروسي ان خطر التدخل يتجاوز كثيرا الاطر السورية ولا يمكننا الموافقة على ان يصبح الطراز الليبي الذي يقترن في الذاكرة السياسية الدولية بالكثير من حالات انتهاك التفويض الذي اصدره مجلس الامن اساسا لحل النزاعات داخل الدول .
ونفى غاتيلوف الانباء القائلة بان مشروع القرار الغربي العربي لا يتكلم عن عقوبات ضد دمشق وقال ان هذه الانباء تجانب الحقيقة فمشروع القرار يتضمن صيغة تدعو البلدان الاعضاء الى وقف ارسال الاسلحة الى سورية.
واضاف انهم لا يضعون فاصلا دقيقا بين تهريب الاسلحة الذي تمارسه بعض البلدان لامداد القوى المتطرفة في سورية وبين علاقات التعاون العسكري التقني مع هذا البلد .
واشار غاتيلوف الى انه لا يسري ضد سورية مفعول اي عقوبات دولية اذ ان مجلس الامن لم يفرض اي عقوبات من هذا القبيل اما ما يتعلق بالعقوبات احادية الجانب التي لجأت اليها بعض الدول تنفيذا لبرنامج اعمالها فاننا لانعترف بها.
وقال غاتيلوف ان المداولات حول سورية لا تجري بصورة نزيهة على العموم ففي البداية يفرضون عقوبات احادية الجانب دون ان يتشاوروا مع روسيا ويذهبون من ثم الى مجلس الامن في محاولة منهم لكسب تأييده ومن البديهي انه ليس بامكاننا الموافقة على مثل هذه الاعمال .
واضاف غاتيلوف اننا نسعى لتوزيع تقرير بعثة مراقبي جامعة الدول العربية في مجلس الامن كوثيقة رسمية وان تتم ترجمته الى جميع لغات الامم المتحدة فالكلام يدور هنا عن وثيقة اساسية تتضمن تقييما للموقف الفعلي في سورية ويجب على مجلس الامن الحصول على معلومات من المصادر الاولى وان يستند الى مصادر موضوعية.
وقال نائب وزير الخارجية الروسي ان قرار الجامعة بوقف نشاط بعثتها يثير اسفا عميقا لدينا ونأمل في الا يكون ذلك حكما نهائيا وان يتم استئناف عمل المراقبين العرب في اقرب وقت .
وتابع غاتيلوف ان روسيا تدعو الى ذلك وستنطلق من ذلك عند مناقشة هذه القضية في مجلس الامن.
كما أكد غاتيلوف ان بلاده تريد ان يبحث اعضاء مجلس الامن الدولي بالتفصيل تقرير بعثة مراقبي الجامعة العربية في سورية قبل مناقشة مشروع القرار الذي قدمته جامعة الدول العربية إلى المجلس.
وقال غاتيلوف في تصريح أمس ان روسيا تنتظر تقديم التقرير الذي وضعته بعثة مراقبي الجامعة العربية كي يطلع عليه اعضاء مجلس الامن الدولي مشيرا إلى ضرورة اطلاع اعضاء المجلس بمن فيهم روسيا عليه.
وشدد على ان تمكين اعضاء مجلس الامن الدولي من الدراسة المسبقة والمفصلة لتوصيات واستنتاجات بعثة المراقبين العرب في سورية يشكل امرا منطقيا نظرا لتعقد هذه المسألة وبهذا الامر فقط يمكن التعويل على مناقشتها في مجلس الامن الدولي .
فوميـــن: موقــف موســكو
يعبّر عن رأي أغلبيـــة الشــــعب الروســــي
من جهة ثانية اكد اوليغ فومين الرئيس المشارك للجنة الروسية للتضامن مع الشعب السوري وقوف روسيا إلى جانب القيادة السورية وغالبية الشعب السوري برفضها الادعاءات الوقحة لقطر والسعودية على اعتبار انها تشكل تدخلا في الشؤون الداخلية لسورية مؤكدا ان هذه المواقف القطرية السعودية تثير السخرية لحديثهما عن فرض الديمقراطية في وقت تفتقر سياساتهما لابسط مبادئ الديمقراطية.
وقال فومين في حديث لمراسل سانا في موسكو أمس ان هذه الاعمال العدوانية ضد سورية تثير استياء شديدا لدى روسيا التي وصفها بانها صديقة سورية الفعلية موضحا ان ثبات موقف القيادة الروسية بحيلولتها دون التدخل الاجنبي في شؤون سورية ودعوتها إلى حوار وطني داخلي بين السوريين انفسهم دون شروط مسبقة يعبر عن رأي الغالبية العظمى للمواطنين الروس.
وشدد على ان رفض المعارضة المتعنتة ومن يقف وراءها من قوى غربية وعربية للحوار يدل على انها تريد تحقيق مصالحها المغرضة.
وأشار فومين إلى ان رئيس بعثة المراقبين العرب في سورية الفريق اول محمد مصطفى الدابي اعطى لوحة موضوعية لما يجري في سورية التي التزمت بالكامل بأحكام البروتوكول الموقع مع الجامعة العربية منوها بالخطوات التي اتخذتها القيادة السورية بهذا الصدد ومنها اطلاق سراح اعداد كبيرة من المعتقلين .
وانتقد فومين قيام قطر والسعودية بسحب مراقبيهما من بعثة المراقبين وقال انه عندما تم التمديد للبعثة تم الاعتقاد بان العقل السليم انتصر في الجامعة العربية ولكن سحب قطر والسعودية لمراقبيهما وتحريضهما على وقف عمل البعثة ككل يهدف إلى عدم اطلاع العالم على الحقيقة الموضوعية لما يجري في سورية وللتمهيد لتدويل القضية السورية.
واشار فومين إلى ان اتحاد كتاب روسيا قرر تقديم جائزته السنوية لهذا العام إلى الرئيس بشار الأسد بوصفه مناضلا بارزا ضد الهيمنة الامريكية وضد التوسع الغربي عموما مؤكدا ان القرار بمنحه الجائزة تم اتخاذه بالاجماع وهو تعبير صادق عن الاحترام والتقدير له باعتباره يدافع ليس عن كرامة وشرف سورية فحسب بل عن الامة العربية بأسرها والحضارة العربية بمجملها.
*** **** ***
روسيا تغلق باب الجدل حول التدخل الخارجي بشؤون سورية.. وتفتـــح آخر لمنـــــع الغــــــرب والعــــرب تشـــــويه ســـمعة مجلـــس الأمــــــن
اذا كانت الدول دائمة العضوية في مجلس الامن لا تنوي التدخل في شؤون سورية فلتدرج ذلك صراحة في مسودة القرار الذي تحاول تسويقه ولتقل ان القرار يحظر أي تدخل ولا يتيح أي تأويل من هذا القبيل بهذه العبارات الصريحة والواضحة أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ان روسيا لن تكرر في سورية ما حصل في ليبيا ولن تتساهل مع محاولات تشويه سمعة مجلس الامن.
حسمت روسيا الجدل حول امكانية التدخل الخارجي في شؤون سورية وفتح الباب أمام جدل من نوع اخر بدعوته الى عرض تقرير بعثة المراقبين العرب أمام مجلس الامن قبل الخوض في أي نقاش يتعلق بسورية ليرد الاعتبار لهذا التقرير ويضع الامور في سياقها الطبيعي الذي يتخذ من الوثائق معيارا لتقييم الوضع واتخاذ القرارات في ضوئها.
والموقف الروسي على لسان لافروف لم يترك مكانا للتفسيرات فالجامعة أرسلت مراقبيها واستلمت منهم تقريرا وتتعذر مناقشة الموضوع السوري في مجلس الامن دون وجود هذا التقرير ملمحا الى ان التفسير الاقرب للمنطق حول عدم وصول التقرير الى المجلس ومن يقف وراء ذلك يتمثل بوجود اطراف شديدة الرغبة في احتدام الوضع السوري بصورة مصطنعة تعطي ذريعة للتدخل الخارجي الامر الذي يدلل عليه عدم الانسجام في مواقف بعض الدول العربية وبالتحديد دول الخليج التي وافقت على قرار تمديد عمل المراقبين وفي نفس الوقت امتنعت عن المشاركة وسحبت ممثليها من البعثة.
ويرى مراقبون أن لدى روسيا أكثر من اشارة استفهام حول الاسلوب الذي تدار به الاحداث فالقرار بوقف عمل بعثة المراقبين وقبله سحب ممثلي الدول الخليجية فيها جاء بعد اعلان رئيس البعثة أن الاجهزة الحكومية السورية وجدت نفسها اكثر من مرة في موقف رد الفعل على ما تقوم بها عناصر مسلحة تستفز السلطات وتهاجم المقرات الحكومية والمنشآت الحيوية وقوات الجيش وحفظ النظام ناسفا بذلك الصورة التي تصر بعض وسائل الاعلام العربية والغربية على تقديمها للوضع في سورية.
ومن هذه النقطة ينطلق نيكولاي سوركوف الكاتب الروسي في مقاله بعنوان هجوم دبلوماسي جديد على دمشق ليقدم تفسيرا لقرار دول الخليج سحب مراقبيها معتبرا ان هذه الدول صدمت بتقرير البعثة الذي بنت الامال عليه ليعطي مبررا للتدخل العسكري في سورية ومن هنا فان البعثة فشلت بالنسبة لهذه الدول في تحقيق الغاية المرادة منها ولذلك كان لا بد من انهاء عملها تحت حجة رسمية تتحدث عن تصاعد العنف.
ويرى الكاتب ان السعي المحموم الذي تقوم به اطراف عربية وغربية للضغط على روسيا لا مبرر له سوى فتح الباب اما التدخل الخارجي بشؤون سورية عبر تغيير الموقف الروسي الذي يقوم على ثلاث نقاط ارتكاز رئيسية حددتها الدبلوماسية الروسية تتمثل بوقف العنف مهما يكن مصدره وعدم السماح بأي تدخل اجنبي في سورية واطلاق حوار وطني داخلي دون شروط مسبقة.
ويرى مراقبون أن روسيا تأخذ بعين الاعتبار التجربة الليبية عندما تحول قرار مجلس الامن الخاص بحماية المدنيين الى مبرر لتدخل عسكري خارجي وعمليات قصف جوي مع دعم المعارضة بالسلاح ولذلك تقف عند ابواب كل محاولات التدخل الخارجي في سورية والتي يسعى الغرب ومعه الجامعة العربية الى تسويقه كحل للازمة السورية ترفضه المعارضة السورية في الداخل.
وبالعودة الى الموقف الرسمي الروسي فان حديث لافروف عن سيكولوجيا قديمة لدى الدول الغربية ينبغي التخلص منها عبر منع استخدام الوضع الناشىء في سورية لتحقيق مصالح جيوسياسية ذاتية يزيل أي غموض حول موقف روسيا لان الحديث عن التخلص من الماضي يعني بالضرورة انهاء العمل بوسائله التي فرضت الهيمنة الامريكية على مجلس الامن واستمرت خلال السنوات العشرين الماضية.