والأزمات المفتعلة التي أرادها الغرب في الشرق الأوسط بشكل عام وفي سورية بشكل خاص محاولة منه لضرب محور كبير يمتد من روسيا إلى إيران فسورية والمقاومة في لبنان.
ركزت روسيا وبعد انهيار الاتحاد السوفييتي على علاقاتها مع الجمهوريات السوفييتية السابقة. في نفس الوقت، استمرت في الحفاظ على علاقاتها ومصالحها مع الدول العربية والإسلامية، وقد أعلنت موسكو رغبتها بشكل دائم في الحفاظ على علاقات جيدة مع الدول العربية والإسلامية ذات الثقل في الشرق الأوسط، أما الوصول إلى منفذ استراتيجي على البحر الأبيض المتوسط فقد كان من الانشغالات ذات الأولوية في الإستراتيجية الروسية هذا المنفذ، بالإضافة إلى أنه يفتح الطريق إلى المحيط العالمي، فهو يؤمن حماية الامتداد الجغرافي الجنوبي الروسي، لا سيما أن لروسيا رؤية وفهما للاستراتيجيات الغربية في محاولة تطويقها بشكل مباشر أو عبر حلفاء الولايات المتحدة.
تاريخ اتفاقيات التعاون العسكري وبنودها
وفي 1980/10/8 تم التوقيع على معاهدة الصداقة و التعاون و الدفاع المشترك بين الاتحاد السوفياتي و سورية و مازالت هذه المعاهدة سارية المفعول باعتبار روسية هي وريثة الاتحاد السوفياتي .
و أبرز ما جاء فيها :
-1 - يعلن الطرفان المتعاقدان عزمهما على التطوير والتعزيز لروابط الصداقة والتعاون بين كلتا الدولتين والشعبين في المجال السياسي والاقتصادي والعسكري والعلمي التكنيكي والثقافي والمجالات الأخرى على أساس مبادئ التكافؤ والمنفعة المتبادلة واحترام السيادة والاستقلال الوطني وحرمة الأراضي وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لبعضهما البعض .
- 2- سوف يعمل الطرفان المتعاقدان بكل السبل على تعزيز السلام وأمن الشعب وانفراج التوتر الدولي وتجسيده في أشكال ملموسة من التعاون بين الدول وتسوية قضايا الخلافات بالطرق السلمية والإقصاء من ممارسات العلاقات الدولية لأية ظواهر لسياسة الهيمنة والعدوان.
قدمت روسيا منذ أيام الاتحاد السوفياتي الدعم العسكري الكبير لسورية ولكنه تراجع في التسعينيات في عهدي الرئيسين غورباتشوف ويلتسين وعاد الدعم الروسي لسورية في عهد الرئيس فلاديمير بوتين وكان بإعادة افتتاح القاعدة البحرية الروسية في ميناء طرطوس وعقد الصفقات العسكرية مع سورية منها تقديم خبراء عسكريين وأسلحة وتجديد عتاد الجيش السوري من أسلحة حديثة.
و لو عدنا ستة و ثلاثين عاما» إلى الوراء و قارنا الظروف و المعطيات الداخلية و الخارجية السورية إبان توقيع المعاهدة مع الاتحاد السوفياتي لوجدناه مشابها إلى حد كبير للحالة الحالية :
1- أحداث الإخوان المسلمين و التي بدأت في حزيران 1979
2- الحرب الأهلية اللبنانية .
3- العلاقة المتوترة مع دول الخليج بسبب العلاقات الوطيدة مع إيران، والموقف السوري إزاء الحرب العراقية الإيرانية .
4- العلاقة المتوترة مع الأردن و التي كادت أن تصل لمرحلة النزاع العسكري المباشر عام 1980 و غياب سورية عن أعمال القمة العربية الطارئة التي عقدت في عمان .
5- القطيعة مع مصر بسبب معاهدة كامب ديفيد إضافة إلى حالة من عدم التوازن المصرية وقتها بعد اغتيال السادات.
تفعيل الاتفاقية العسكرية
وفي ايلول 2015 تم تفعيل هذه المعاهدة بشكل عملي واضح و لأول مرة عبر العمليات العسكرية الروسية في سورية استناداً لضرورات مكافحة الإرهاب الذي يضرب سورية بدعم أميركي غربي خليجي تركي.
التهور التركي الخليجي
لم يعد خافياً على أحد الإنجازات الكبيرة التي تحققها القوات السورية في مواجهة الإرهاب على أراضيها ولاسيما بعد المشاركة الروسية القوية والعملية في تلك الحرب إلى جانب الدولة السورية، بالإضافة إلى الدعم الإيراني والمقاومة اللبنانية وذلك في إطار الاتفاقيات المشتركة والرؤى الواحدة لمستقبل المنطقة وسلامة أمنها سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، يبدو أن تلك الإنجازات قد أزعجت الدول الخليجية وحليفتها التركية بعد أن أصابتها في صميم عقليتها الإخوانية الوهابية ، بحيث تسعى تلك الدول ولاسيما بعد اندحار إرهابييها، وفشلهم في إتمام المهمة، تولي قيادة مراكب التطرف وزعزعة الاستقرار في المنطقة بأنفسهم هذه المرة وفق إعلانات متماهية بين أطرافها الخليجية والتركية بوجوب التدخل العسكري في سورية والعمل على حشد القوات لتلك المهمة..بحيث يبقى السؤال هل أصاب هؤلاء المتهورون مرض الزهايمر أم تناست أن أعمالها تلك سيصدمها حكماً بحائط كبير يقوم على محور مقاوم كامل متكامل امتدادا من روسيا إلى إيران فسورية والمقاومة في لبنان.